قوله سبحانه : (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١) وليس في شيء من هذه الروايات إيماء فضلاً عن الدلالة على أنّ له تعالى إرادة ذاتية أيضاً ، بل فيها ما يدل على نفي كون إرادته سبحانه ذاتية ، كصحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبدالله عليهالسلام قال « قلت : لم يزل الله مريداً؟ قال : إنّ المريد لا يكون إلاّ لمراد معه لم يزل الله عالماً قادراً ثمّ أراد » (٢) ورواية الجعفري قال « قال الرضا عليهالسلام : المشيئة من صفات الأفعال ، فمن زعم أنّ الله لم يزل مريداً شائياً فليس بموحد » (٣) فهاتان الروايتان تنصّان على نفي الارادة الذاتية عنه سبحانه.
ثمّ إنّ سلطنته تعالى حيث كانت تامّة من كافّة الجهات والنواحي ولا يتصور النقص فيها أبداً ، فبطبيعة الحال يتحقق الفعل في الخارج ويوجد بصرف إعمالها من دون توقفه على أيّة مقدّمة اخرى خارجة عن ذاته تعالى كما هو مقتضى قوله سبحانه : ( إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ).
وقد عبّر عن هذا المعنى في الروايات تارة بالمشيئة ، وتارة اخرى بالاحداث والفعل.
أمّا الأوّل : كما في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « المشيئة محدثة » (٤). وصحيحة عمر بن اذينة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « خلق الله المشيئة بنفسها ، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة » (٥) ومن الطبيعي أنّ
__________________
(١) يس ٣٦ : ٨٢.
(٢) اصول الكافي ١ : ١٠٩ ح ١.
(٣) بحار الأنوار ٤ : ١٤٥ ح ١٨.
(٤) اصول الكافي ١ : ١١٠ ح ٧.
(٥) بحار الأنوار ٤ : ١٤٥ ح ٢٠.