المراد بالمشيئة هو إعمال القدرة والسلطنة ، حيث إنّها مخلوقة بنفسها ، لا بإعمال قدرة اخرى ، وإلاّ لذهب إلى ما لا نهاية له.
وأمّا الثاني : كما في صحيحة صفوان بن يحيى قال عليهالسلام : « الارادة من الخلق الضمير ، وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من الله تعالى ، فارادته إحداثه لا غير ذلك ، لأنّه لا يروي ولا يهمّ ولا يتفكر ، وهذه الصفات منفية عنه ، وهي صفات الخلق ، فارادة الله الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون ، بلا لفظ ، ولا نطق بلسان ، ولا همة ، ولا تفكر ، ولا كيف لذلك ، كما أنّه لا كيف له » (١) فهذه الصحيحة تنص على أنّ إرادته تعالى هي أمره التكويني.
وأمّا النقطة الثالثة : فهي تامة ، لوضوح أنّ إرادتنا هي الشوق المؤكّد الداعي إلى إعمال القدرة والسلطنة نحو إيجاد المراد ، وسنبيّن إن شاء الله تعالى أنّ ملاك كون الأفعال في إطار الاختيار هو صدورها بإعمال القدرة والمشيئة لا كونها مسبوقةً بالارادة ، بداهة أنّ الارادة بكافة مقدّماتها غير اختيارية فلا يعقل أن تكون ملاكاً لاختياريتها. على أنّا نرى وجداناً وبشكل قاطع أنّ الارادة ليست علّة تامّة للأفعال ، وسيأتي توضيح هذه النقاط بصورة مفصّلة إن شاء الله تعالى.
وأمّا النقطة الرابعة : فيرد عليها أنّ الروايات قد دلّت على أنّ إرادته تعالى ليست كعلمه وقدرته ونحوهما من الصفات الذاتية العليا ، بل هي فعله وإعمال قدرته كما عرفت. وإن شئتم قلتم : لو كانت لله تعالى إرادتان : ذاتية وفعلية ، لأشارت الروايات بذلك لا محالة ، مع أنّها تشير إلى خلاف ذلك.
ثمّ إنّ قوله عليهالسلام في الصحيحة المتقدمة (٢) « إنّ المريد لا يكون إلاّ
__________________
(١) اصول الكافي ١ : ١٠٩ ح ٣.
(٢) في الصفحة السابقة.