مقابل شأنه تعالى ، ولا إرادة لهم في مقابل إرادته.
الثانية : أنّ الله ( سبحانه وتعالى ) هو الحاكم على الاطلاق ، فلا يتصور حاكم فوقه ، وعليه فلا يعقل أن يكون محكوماً بحكم عبيده ، ولا معنى لعدم تجويز الظلم عليه بحكم العقل ، فانّ مردّه إلى تعيين الوظيفة له تعالى وهو غير معقول.
ولنأخذ بالنقد على كلتا الدعويين :
أمّا الدعوى الاولى : فهي ساقطة جداً ، والسبب في ذلك : أنّ قضيّتي قبح الظلم وحسن العدل من القضايا الأوّلية التي يدركهما العقل البشري في ذاته ، ولا يتوقف إدراكه لهما على وجود شرع وشريعة ، وتكونان من القضايا التي هي قياساتها معها ، ولن يتمكن أحد ولا يتمكن من إنكارهما ، لا في أفعال الباري ( عزّ وجلّ ) ولا في أفعال عباده.
وأمّا ما ذكره الأشاعرة في وجه عدم اتصاف أفعاله تعالى بالظلم فهو خاطئ ، وذلك لأنّ حقيقة الظلم هي الاعوجاج في الطريق والخروج منه يمنةً ويسرةً ، وعدم الاستقامة في العمل ، وهو المعبّر عنه بجعل الشيء في غير موضعه ، كما أنّ حقيقة العدل عبارة عن الاستواء والاستقامة في جادة الشرع وعدم الخروج منها يمنةً تارةً ويسرةً اخرى ، وهو المعبّر عنه بوضع كل شيء في موضعه ، وبطبيعة الحال أنّ صدق الظلم بهذا التفسير لا يتوقف على كون التصرف تصرفاً في ملك الغير وسلطانه. ومن هنا لو قصّر أحد في حفظ نفسه يقال إنّه ظلم نفسه ، مع أنّ نفسه غير مملوكة لغيره ، كما أنّه لو وضع ماله في غير موضعه عدّ ذلك ظلماً منه. وعلى ضوء هذا التفسير لو أثاب المولى عبده العاصي وعاقب عبده المطيع عدّ ذلك منه ظلماً ووضعاً لهما في غير محلّهما ، وإن كان التصرف تصرفاً في ملكه وسلطانه.
وعلى الجملة : كما أنّ العقل يدرك أنّ مؤاخذة المولى عبده على العمل