خاليةً عنها.
ثمّ استشهد على ذلك بكثرة استعمال العام في الخاص حتّى قيل ما من عام إلاّ وقد خصّ ، ومع هذه الكثرة لا ينثلم ظهور العام في العموم إذا ورد في الكتاب والسنّة ما لم تقم قرينة بالخصوص على إرادة الخاص.
ولنأخذ بالمناقشة على ما أفاده قدسسره.
أمّا ما ذكره من أنّ المتبادر من الصيغة عرفاً الوجوب ، فيمكن نقده بأ نّه إنّما يكون علامةً للحقيقة إذا كان مستنداً إلى حاق اللفظ ونفسه ، ضرورة أنّ مجرد انفهام المعنى من اللفظ لا يكون علامةً لكونه حقيقة فيه ، وفيما نحن فيه المتبادر لدى العرف من الصيغة وإن كان هو الوجوب إلاّ أنّا لا نعلم استناده إلى حاق اللفظ ، لاحتمال أن يكون ذلك من جهة الاطلاق ومقدّمات الحكمة كما اختاره بعض الأعاظم (١) ، ويحتمل أن يكون ذلك من جهة حكم العقل كما اخترناه ، ومن الطبيعي أنّ التبادر مع هذا الاحتمال لا يكون دليلاً على الحقيقة.
ومن هنا يظهر الكلام فيما ذكره من التأييد بقيام السيرة العقلائية على الذم عند المخالفة ، فانّه وإن كان مسلّماً إلاّ أنّه لا يدل على كون الوجوب مدلولاً وضعياً للصيغة ومتبادراً منها عرفاً ، بل لعلّه لحكم العقل بذلك ، أو للاطلاق ومقدّمات الحكمة.
وعلى الجملة : فقيام السيرة إنّما يدل على كون الوجوب مستفاداً منها ، وأمّا كون ذلك بالوضع أو بالاطلاق ، أو من ناحية حكم العقل فلا يدل على شيء منها.
وأمّا ما ذكره قدسسره من أنّ استعمال الصيغة في الندب أكثر من
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ : ١٦٢.