ومن ناحية اخرى : أنّ شدّة الارادة ليست بأمر زائد على الارادة ، بل هي عين تلك المرتبة في الخارج ونفسها ، فما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز ، نظير السواد والبياض الشديدين حيث إنّ ما به الاشتراك فيهما عين ما به الامتياز.
ومن ناحية ثالثة : أنّ صفة الضعف في الارادة حدّ عدمي ، وعليه فبطبيعة الحال تكون تلك الصفة أمراً زائداً عليها ، وتحتاج في بيانها إلى مؤونة زائدة في مقام الاثبات.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي : هي أنّ المولى إذا أمر بشيء وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينةً على إرادة الجامع بين الارادة الشديدة والضعيفة ، فقضيّة الاطلاق وعدم نصب قرينة على إرادة المرتبة الضيعفة هي حمل الأمر على بيان المرتبة الشديدة ، حيث قد عرفت أنّ بيانها لا يحتاج إلى مؤونة زائدة دون بيان المرتبة الضعيفة ، وبذلك نثبت إرادة الوجوب الذي هو طابع مثالي لتلك المرتبة من الارادة.
وقد تحصّل من ذلك أمران :
الأوّل : أنّ الوجوب ليس بمدلول وضعي للصيغة ، وإنّما هو مستفاد من الاطلاق ومقدّمات الحكمة.
الثاني : أنّ مدلولها الوضعي إنّما هو الطلب الجامع فلا تدل بالدلالة الوضعية إلاّ عليه.
ولنأخذ بالمناقشة عليه من وجوه :
الأوّل : أنّ ما أفاده قدسسره من اختلاف الارادة باختلاف الأوامر وجوباً وندباً لا يتم في الأوامر الشرعية ، وإنّما يتم في الأوامر العرفية.
فلنا دعويان : الاولى : عدم تمامية ما أفاده قدسسره في الأوامر الشرعية.