والتصدي ، ولا للبعث والتحريك ، ولا للارادة.
نعم ، إنّ صيغة الأمر مصداق للبعث والتحريك ، لا أنّهما معناها ، كما أنّها مصداق للطلب والتصدي ، وأمّا الارادة فلا يعقل أن تكون معناها ، وذلك لاستحالة تعلّق الارادة بمعنى الاختيار وإعمال القدرة بفعل الغير ، وكذا الارادة بمعنى الشوق النفساني المحرّك للانسان نحو المراد فيما لا تعود مصلحته إليه ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّا قد ذكرنا في محلّه (١) أنّه لا معنى للارادة التشريعية في مقابل الارادة التكوينية ، ولا نعقل لها معنىً محصّلاً ما عدا الأمر الصادر من المولى.
فالنتيجة على ضوئهما : هي أنّه لا معنى لتفسير الأمر بالارادة ، ومن جميع ذلك يظهر أنّ تفسير النهي بالكراهة أيضاً خاطئ.
وبكلمة اخرى : أنّنا إذا حلّلنا الأمر المتعلق بشيء تحليلاً موضوعياً ، فلا نعقل فيه ما عدا شيئين :
الأوّل : اعتبار الشارع ذلك الشيء في ذمّة المكلف من جهة اشتماله على مصلحة ملزمة أو غيرها.
الثاني : إبراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج بمبرز كصيغة الأمر أو ما شاكلها ، فالصيغة أو ما شاكلها وضعت للدلالة على إبراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني لا للبعث والتحريك ، ولا للطلب.
نعم ، قد عرفت أنّ الصيغة مصداق للبعث والطلب ونحو تصدٍ إلى الفعل ، حيث إنّ البعث والطلب قد يكونان خارجيين ، وقد يكونان اعتباريين ، فصيغة
__________________
(١) سيأتي في ص ٥٤١.