الوجود في مقام الانشاء ، وبانتفاء تلك النقطة انتفى المحذوران.
الوجه الثاني : ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أيضاً من أنّ قصد الأمر والامتثال لو كان مأخوذاً في متعلق نفسه لزم تقدّم الشيء على نفسه ، وهو مستحيل ، وذلك لأنّ القصد المزبور متأخر رتبة عن إتيان تمام أجزاء المأمور به وقيوده ، حيث إنّ قصد الأمر إنّما يكون بهما ، وبما أنّنا فرضنا من جملة تلك الأجزاء والقيود نفس ذلك القصد الذي هو عبارة عن دعوة شخص ذاك الأمر ، فلا بدّ وأن يكون المكلف في مقام امتثاله قاصداً للامتثال قبل قصد امتثاله ، فيلزم تقدّم الشيء على نفسه.
وإن شئت قلت : إنّ معنى قصد الامتثال هو الاتيان بالمأمور به بتمام أجزائه وشرائطه الذي تعلّق التكليف به كذلك بقصد امتثال أمره ، فلو اخذ قصد الامتثال متعلقاً للتكليف لزم تقدّمه على نفسه ، فانّه باعتبار أخذه في متعلق التكليف لا بدّ أن يكون في مرتبة سابقة وهي مرتبة الأجزاء ، وباعتبار أنّه لا بدّ من الاتيان بتمام الأجزاء والشرائط بقصد الامتثال لا بدّ أن يكون في مرتبة متأخرة عنها ، وهذا معنى تقدّم الشيء على نفسه.
الوجه الثالث : ما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره وإليك نصّه :
إنّ التقرب المعتبر في التعبدي إن كان بمعنى قصد الامتثال والاتيان بالواجب بداعي أمره كان ممّا يعتبر في الطاعة عقلاً ، لا ممّا اخذ في نفس العبادة شرعاً ، وذلك لاستحالة أخذ ما لا يكاد يتأتى إلاّمن قبل الأمر بشيء في متعلق ذاك الأمر مطلقاً شرطاً أو شطراً ، فما لم تكن نفس الصلاة متعلقة للأمر لا يكاد يمكن إتيانها بقصد امتثال أمرها. وتوهم إمكان تعلّق الأمر بفعل الصلاة بداعي
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٦٢.