الأمر وإمكان الاتيان بها بهذا الداعي ، ضرورة إمكان تصور الأمر بها مقيدة والتمكن من إتيانها كذلك بعد تعلّق الأمر بها ، والمعتبر من القدرة المعتبرة عقلاً في صحّة الأمر إنّما هو في حال الامتثال لا حال الأمر ، واضح الفساد ، ضرورة أنّه وإن كان تصورها كذلك بمكان من الامكان ، إلاّ أنّه لا يكاد يمكن الاتيان بها بداعي أمرها ، لعدم الأمر بها ، فانّ الأمر حسب الفرض تعلّق بها مقيدةً بداعي الأمر ، ولا يكاد يدعو الأمر إلاّ إلى ما تعلّق به لا إلى غيره.
إن قلت : نعم ، ولكن نفس الصلاة أيضاً صارت مأمورة بها بالأمر بها مقيدة.
قلت : كلا ، لأنّ ذات المقيد لاتكون مأموراً بها ، فانّ الجزء التحليلي العقلي لا يتصف بالوجوب أصلاً ، فانّه ليس إلاّوجود واحد واجب بالوجوب النفسي كما ربّما يأتي في باب المقدّمة.
إن قلت : نعم ، لكنّه إذا اخذ قصد الامتثال شرطاً ، وأمّا إذا اخذ شطراً فلا محالة نفس الفعل الذي تعلّق الوجوب به مع هذا القصد يكون متعلقاً للوجوب ، إذ المركب ليس إلاّنفس الأجزاء بالأسر ويكون تعلّقه بكلٍّ بعين تعلّقه بالكل ، ويصح أن يؤتى به بداعي ذاك الوجوب ، ضرورة صحّة الاتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه.
قلت : مع امتناع اعتباره كذلك ، فانّه يوجب تعلّق الوجوب بأمر غير اختياري ، فانّ الفعل وإن كان بالارادة اختيارياً إلاّ أنّ إرادته حيث لا تكون بارادة اخرى وإلاّ لتسلسلت ليست باختيارية كما لا يخفى ، إنّما يصحّ الاتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه في ضمن إتيانه بهذا الداعي ، ولا يكاد يمكن الاتيان بالمركب من قصد الامتثال بداعي امتثال أمره (١).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٢.