ملخّص ما أفاده ( قدسسره ): أنّ قصد الأمر حيث إنّه يكون متفرعاً على الأمر ومتأخراً عنه رتبةً فلا يعقل أخذه في متعلّقه ، لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه ، وذلك لأنّ أخذه في متعلّقه مع فرض كونه ناشئاً عن حكمه معناه تقدّمه على نفسه وهو مستحيل. فإذن لا يمكن أخذه فيه شرعاً ، بل لا بدّ أن يكون اعتباره في العبادات بحكم العقل.
الوجه الرابع : ما ذكره شيخنا المحقق قدسسره من أنّ لازم تقييد المأمور به بداعي الأمر هو محذور لزوم عدمه من وجوده ، وذلك لأنّ أخذ الاتيان بداعي الأمر في متعلّق الأمر يقتضي اختصاص ما عداه بالأمر ، لما سمعت من أنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى ما تعلّق به ، وهو مساوق لعدم أخذه فيه ، إذ لا معنى لأخذه فيه إلاّتعلّق الأمر بالمجموع من الصلاة والاتيان بداعي الأمر ، فيلزم من أخذه فيه عدم أخذه فيه ، وما يلزم من وجوده عدمه محال (١).
الوجه الخامس : ما ذكره قدسسره أيضاً وإليك نصّه : إنّ الأجزاء بالأسر ليس لها إلاّ أمر واحد ، ولا لأمر واحد إلاّدعوة واحدة ، فلا يكون الأمر داعياً إلى الجزء إلاّبعين دعوته إلى الكل ، وحيث إنّ جعل الأمر داعياً إلى الصلاة مأخوذ في متعلق الأمر في عرض الصلاة ، فجعل الأمر المتعلق بالمجموع داعياً إلى الصلاة بجعل الأمر بالمجموع داعياً إلى المجموع ، ليتحقق الدعوة إلى الصلاة في ضمن الدعوة إلى المجموع ، مع أنّ من المجموع الدعوة إلى الصلاة في ضمن الدعوة إلى المجموع ، فيلزم دعوة الأمر إلى جعل نفسه داعياً ضمناً إلى الصلاة ومحركية الأمر لمحركية نفسه إلى الصلاة عين عليته لعلية نفسه ، ولا فرق بين علية الشيء لنفسه وعليته لعليته (٢).
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٣٢٧.
(٢) نهاية الدراية ١ : ٣٣١.