التصور إلى الواقع الموضوعي.
وأمّا النحو الثاني ، فهو واقع كثيراً في الخارج ، حيث إنّ أغلب العبادات الواقعة في الشريعة المقدّسة الاسلامية من هذا النحو ، منها الصلاة مثلاً ، فانّ أجزاءها بأجمعها أجزاء عبادية. وأمّا شرائطها فجملة كثيرة منها غير عبادية ، وذلك كطهارة البدن والثياب واستقبال القبلة وما شاكل ذلك ، فانّها رغم كونها شرائط للصلاة تكون توصلية وتسقط عن المكلف بدون قصد التقرب. نعم ، الطهارات الثلاث خاصّة تعبدية فلا تصح بدونه.
وأضف إلى ذلك : أنّ تقييد الصلاة بتلك القيود أيضاً لا يكون عبادياً ، فلو صلّى المكلف غافلاً عن طهارة ثوبه أو بدنه ثمّ انكشف كونه طاهراً صحّت صلاته مع أنّ المكلف غير قاصد للتقيد فضلاً عن قصد التقرب به ، فلو كان أمراً عبادياً لوقع فاسداً ، لانتفاء القربة به ، بل الأمر في التقيد بالطهارات الثلاث أيضاً كذلك ، ومن هنا لو صلّى غافلاً عن الطهارة الحدثية ثمّ بان أنّه كان واجداً لها صحّت صلاته ، مع أنّه غير قاصد لتقيدها بها فضلاً عن إتيانه بقصد القربة ، هذا ظاهر.
وأمّا النحو الثالث ، وهو ما يكون بعض أجزائه تعبدياً وبعضها الآخر توصلياً ، فهو أمر ممكن في نفسه ولا مانع منه ، إلاّ أنّا لم نجد لذلك مصداقاً في الواجبات التعبدية الأوّلية كالصلاة والصوم وما شاكلهما ، حيث إنّها واجبات تعبدية بكافّة أجزائها.
ولكن يمكن فرض وجوده في الواجبات العرضية ، وذلك كما إذا افترضنا أنّ واحداً مثلاً نذر بصيغة شرعية الصلاة مع إعطاء درهم لفقير على نحو العموم المجموعي بحيث يكون المجموع بما هو المجموع واجباً ، وكان كل منهما جزء الواجب ، فعندئذ بطبيعة الحال يكون مثل هذا الواجب مركباً من جزأين :
أحدهما تعبدي وهو الصلاة. وثانيهما توصلي وهو إعطاء الدرهم. وكذلك يمكن