ينصب قرينةً على ذلك دلّ على الاطلاق. وأمّا إذا لم يكن في مقام البيان وكان في مقام الاهمال والاجمال ، إمّا لأجل مصلحة فيه أو لوجود مانع ، لم يدل كلامه لا على الاطلاق ولا على التقييد وأصبح مهملاً ، فلا يمكن التمسك به.
ولعل من هذا القبيل قوله تعالى (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) (١) فانّ الآية الكريمة تشير إلى وجوب القصر عند تحقق الضرب في الأرض ، ولكنّها أهملت التعرض لمقدار الضرب وتحديده بحدوده الخاصّة ، فتكون مهملةً من هذه الناحية فلا يمكن التمسك باطلاقها.
وأمثلة ذلك كثيرة في الآيات والروايات ، إلاّ أنّ الاطلاق والتقييد في مقام الاثبات خارج عن محل البحث هنا ، حيث إنّه في الاطلاق والتقييد في مرحلة الثبوت والواقع كما عرفت.
وقد تحصّل من ذلك عدّة نقاط :
الاولى : أنّ التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل الضدّين لا العدم والملكة كما اختاره شيخنا الاستاذ قدسسره.
الثانية : أنّنا لو افترضنا أنّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة لا التضاد ، إلاّ أنّ ما أفاده قدسسره من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق خاطئ ، وذلك لأنّها تقوم على أساس اعتبار القابلية الشخصية في العدم والملكة ، ولكن قد عرفت أنّ القابلية المعتبرة أعم من أن تكون شخصية أو صنفية أو نوعية أو جنسية.
الثالثة : أنّ استحالة التقييد بشيء تستلزم ضرورة الاطلاق أو التقييد بغيره ، لاستحالة الاهمال في الواقع. هذا تمام الكلام في إمكان أخذ قصد الأمر
__________________
(١) النساء ٤ : ١٠١.