وعلى الجملة : فلازم ما أفاده قدسسره ـ من أنّ استحالة التقييد في موردٍ تستلزم استحالة الاطلاق فيه ـ إهمال الواقع وأ نّه لا يكون مقيداً به ولا يكون مطلقاً ، وقد عرفت أنّ مرجع هذا إلى عدم علم الحاكم بحدود موضوع حكمه أو متعلقه من حيث السعة والضيق وهو غير معقول ، وعليه حيث استحال تقييد المأمور به كالصلاة مثلاً بقصد الأمر على مختاره قدسسره للوجوه المتقدمة من ناحية ، واستحال تقييده بعدم قصده من ناحية اخرى حيث إنّه على خلاف الغرض من الأمر ، فالاطلاق ضروري يعني أنّ المأمور به هو الطبيعي الجامع بلا دخل لقصد الأمر فيه وجوداً وعدماً.
ولا فرق في ذلك بين قيود الموضوع وقيود المتعلق ، وكذا لا فرق بين القيودات الأوّلية والقيودات الثانوية ، ضرورة أنّ الاهمال كما لا يعقل بالاضافة إلى القيودات الأوّلية كذلك لا يعقل بالاضافة إلى القيودات الثانوية ، فانّ الحكم المجعول من قبل المولى الملتفت إلى تلك القيودات لا يخلو من أن يكون مطلقاً باطلاق موضوعه أو متعلقه بالاضافة إليها ، يعني لا دخل لشيء منها فيه ، أو يكون مقيداً بها ولا ثالث في البين ، وعليه فإذا افترضنا استحالة التقييد بقيدٍ فلا محالة أحد الأمرين ضروري : إمّا الاطلاق أو التقييد بغيره ، لاستحالة الاهمال في الواقع.
وإلى ذلك أشار شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره بقوله : من أنّه إذا استحال التقييد وجب الاطلاق (١).
نعم ، الاهمال في مقام الاثبات والدلالة أمر معقول ، وذلك لأنّ المولى إذا كان في مقام البيان فان نصب قرينةً على التقييد دلّ كلامه على ذلك ، وإن لم
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٦٠.