لزم كون العبادة صحيحةً على الأوّل وباطلةً على الثاني ، وهذا ممّا لا يعقل أن يلتزم به فقيه قطعاً ، بداهة صحّة العبادة مع قصد القربة وإن لم يتحقق العنوان المزبور ، وعدم تعقل صحّتها بدونه وإن تحقق ذلك العنوان.
وغير خفي أنّ غرض المولى من أخذ ذلك العنوان الملازم في العبادات إنّما هو التوصل به إلى غرضه خارجاً ، وحيث إنّ عدم الاتيان بالعبادة بداعٍ نفساني في الخارج ملازم للاتيان بها بداعٍ إلهي ولا ينفك أحدهما عن الآخر خارجاً ، فلا مانع من اعتباره فيها توصلاً إلى مقصوده ، وأمّا فرض الانفكاك محالاً فلا أثر له أصلاً حيث إنّه لا يخرج عن مجرد الفرض من دون واقع موضوعي له ، والأثر إنّما هو للانفكاك خارجاً وهو غير متحقق.
ولو تنزّلنا عن ذلك أيضاً وسلّمنا بأنّ التقييد كما لا يمكن بداعي الأمر ، ولا بالجامع بينه وبين غيره ، كذلك لا يمكن بما يكون ملازماً له ، ولكن مع ذلك يمكن للمولى التوصل إلى مقصوده إذا تعلّق بالعمل مع قصد القربة بالإخبار عن ذلك بجملة خبرية بعد الأمر به أوّلاً كقوله : تجب الصلاة مع قصد القربة ، وأنّ غرضي لا يحصل من الأمر المتعلق بها إلاّباتيانها بداعي الأمر أو نحو ذلك. إلى هنا قد عرفت حال المانع عن أخذه في متعلقه بالأمر الأوّل.
ولكن شيخنا الاستاذ قدسسره (١) قد اختار طريقاً آخر لتوصل المولى إلى غرضه في العبادات ـ بعد اعترافه بعدم إمكان أخذه فيها بالأمر الأوّل ـ وهو الأمر بها ثانياً بداعي أمرها الأوّل ، ويسمى الأمر الثاني بمتمم الجعل ، بيان ذلك : أنّنا إذا افترضنا أنّ غرض المولى مترتب على الصلاة بداعي القربة ، فإذا أراد المولى استيفاء غرضه وحيث لا يمكن له ذلك إلاّبأمرين : أمر متعلق بذات الصلاة وأمر آخر متعلق باتيانها بقصد القربة ، فلا بدّ له من ذلك ، ولا
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٧٣.