يمكن الاكتفاء بأمر واحد وإيكال الجزء الآخر ـ وهو قصد القربة ـ إلى حكم العقل ، ضرورة أنّ شأن العقل إدراك الواقع على ما هو عليه وأنّ هذا الشيء ممّا جعله الشارع جزءاً أو شرطاً أم لم يجعله ، وليس له الجعل والتشريع في قبال الشارع ، وعليه فكلّ ما تعلّق به غرض المولى فلا بدّ أن يكون اعتباره من قبله ، فإذا لم يمكن ذلك بالأمر الأوّل فبالأمر الثاني ، وقصد القربة من هذا القبيل فلا فرق بينه وبين غيره من الأجزاء والشرائط إلاّفي هذه النقطة وهي عدم إمكان اعتباره إلاّبالأمر الثاني المتمم للجعل الأوّل ، فلذا يكون الأمران بحكم أمر واحد.
فالنتيجة : أنّ متعلق الأمر الأوّل مهمل فلا إطلاق له ولا تقييد ، فعندئذ إن دلّ دليل من الخارج على اعتبار قصد القربة فيه كالأمر الثاني أفاد نتيجة التقييد ، وإن دلّ دليل على أنّ الجعل لا يحتاج إلى متمم أفاد نتيجة الاطلاق ، ولا فرق في ذلك بين متعلق الحكم وموضوعه.
وقد أورد عليه المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) بأنّ أخذ قصد القربة في متعلق الأمر كما لا يمكن بالأمر الأوّل كذلك لا يمكن بالأمر الثاني أيضاً ، وذلك مضافاً إلى القطع بأ نّه ليس في العبادات إلاّ أمر واحد ، أنّ التكليف إن سقط باتيان المأمور به بالأمر الأوّل فلا يبقى مجال للأمر الثاني ، لانتفائه بانتفاء موضوعه فلا يتمكن المولى أن يتوصل إلى غرضه بهذه الطريقة ، وإن لم يسقط عندئذ فبطبيعة الحال ليس الوجه لعدم سقوطه إلاّعدم حصول غرضه بذلك من أمره ، وبدونه لا يعقل سقوطه ، وعليه فلا حاجة في الوصول إلى غرضه إلى تعدد الأمر ، لاستقلال العقل بلزوم تحصيل غرضه وهو لا يمكن إلاّباتيان العمل مع قصد القربة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٤.