والجواب عنه : أنّنا نلتزم بعدم سقوط الأمر الأوّل إذا أتى المكلف به من دون قصد القربة مع وجود الأمر الثاني من المولى باتيانه بداعي الأمر الأوّل ، وبسقوطه باتيانه كذلك مع فرض عدم وجود الأمر الثاني به ، فإذن لا يكون الأمر الثاني لغواً ، وذلك لأنّ المولى إذا أمر ثانياً باتيان شيء بداعي أمره الأوّل ، كشف ذلك عن أنّ الغرض منه خاص وهو لا يحصل إلاّباتيانه بداعي القربة ويعبّر عن ذلك بنتيجة التقييد ، وإذا لم يأمر ثانياً باتيانه كذلك كشف ذلك عن أنّ المأمور به بالأمر الأوّل وافٍ بالغرض وأ نّه يحصل بتحققه في الخارج ولو كان غير مقرون بقصد القربة.
الذي يرد على ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره ما تقدّم منّا في ضمن البحوث السالفة (١) من أنّ الاهمال في الواقعيات غير معقول ، فالحكم المجعول من المولى لا يخلو من أن يكون مطلقاً في الواقع أو مقيّداً ولا يعقل لهما ثالث ، ولكن لو تنزلنا عن جميع ما ذكرناه سابقاً وسلّمنا أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق ، فلا مناص من الالتزام بمقالته قدسسره وأنّ الحكم بالجعل الأوّل مهمل فلا بدّ من نتيجة التقييد أو نتيجة الاطلاق.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أنّه لا مانع من أخذ قصد الأمر في متعلقه ، وعلى تقدير تسليم استحالته فلا مانع من أخذ الجامع بينه وبين بقية الدواعي فيه ، كما أنّه لا مانع من أخذ بقية الدواعي. وعلى تقدير تسليم استحالته أيضاً فلا مانع من أخذ العنوان الملازم لعنوان قصد الأمر في متعلقه ، وعلى تقدير تسليم استحالته أيضاً فلا مانع من بيان ذلك بجملة خبرية ، أو بالأمر الثاني.
__________________
(١) في ص ٥٣٤.