وقد صرّح بذلك في بعض هذه الروايات كقوله عليهالسلام : « إنّ المجاهد إن جاهد لله تعالى فالعمل له تعالى ، وإن جاهد لطلب المال والدنيا فله ما نوى » (١). وإليه أشار أيضاً قوله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها)(٢).
والحاصل : أنّ الروايات ناظرة إلى أنّه يصل لكل عامل من الأجر حسب ما نواه من الدنيوي أو الاخروي.
وبكلمة اخرى : الكلام تارةً يقع في ترتب الثواب على الواجب وعدم ترتبه عليه. واخرى يقع في صحّته وفساده. وهذه الروايات ناظرة إلى المورد الأوّل ، وأنّ ترتب الثواب على الأعمال الواجبة منوط باتيانها لوجه الله تعالى ، بداهة أنّه لو لم يأت بها بهذا الوجه فلا معنى لاستحقاقه الثواب. وليس لها نظر إلى المورد الثاني أصلاً ، وكلامنا في المقام إنّما هو في هذا المورد وأنّ قصد القربة هل هو معتبر في صحّة كل واجب إلاّما خرج بالدليل أم لا ، وتلك الروايات لا تدل على ذلك.
هذا ، مضافاً إلى أنّها لو كانت ظاهرة في ذلك فلا بدّ من رفع اليد عن ظهورها وحملها على ما ذكرناه ، وذلك للزوم تخصيص الأكثر وهو مستهجن ، حيث إنّ أكثر الواجبات في الشريعة الاسلامية واجبات توصلية لا يعتبر فيها قصد القربة ، فالواجبات التعبدية قليلة جداً بالاضافة إليها ، ومن الواضح أنّ تخصيص الأكثر مستهجن فلا يمكن ارتكابه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٨ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٥ ح ١٠ ( نقل بالمضمون ).
(٢) آل عمران ٣ : ١٤٥.