والأكثر الارتباطيين (١) أنّ المرجع عند الشك في اعتبار شيء في المأمور به جزءاً أو شرطاً هو أصالة البراءة ، وما نحن فيه كذلك حيث إنّه من صغريات تلك الكبرى ، وعليه فإذا شكّ في تقييد واجب بقصد القربة لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عنه ، فالأصل العملي على ضوء نظريتنا كالأصل اللفظي عند الشك في التعبدية والتوصلية فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
وكذلك الحال على نظرية شيخنا الاستاذ قدسسره لوضوح أنّه لا فرق في جريان البراءة بين أن يكون مأخوذاً في العبادات بالأمر الأوّل أو بالأمر الثاني ، إذ على كلا التقديرين فالشك في اعتباره يرجع إلى الشك في تقييد زائد ، وبذلك يدخل في كبرى تلك المسألة ، ومختاره قدسسره فيها هو أصالة البراءة.
وأمّا على ضوء نظرية المحقق صاحب الكفاية قدسسره (٢) فالمرجع هو قاعدة الاشتغال دون البراءة ، والسبب في ذلك : هو أنّ أخذ قصد القربة في متعلق الأمر شرعاً حيث إنّه لا يمكن لا بالأمر الأوّل ولا بالأمر الثاني ، فبطبيعة الحال يكون اعتباره بحكم العقل من جهة دخله في غرض المولى ، وعليه فمتى شكّ في تحققه فالمرجع هو الاشتغال دون البراءة النقلية والعقلية.
ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره هنا يشترك مع ما ذكره قدسسره في كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين (٣) في نقطة ويفترق عنه في نقطة اخرى.
__________________
(١) مصباح الأصول ٢ : ٤٩٤ وما بعدها.
(٢) كفاية الاصول : ٧٥.
(٣) كفاية الاصول : ٣٦٣.