الخبرية لم توضع للدلالة على ثبوت النسبة في الخارج أو نفيها عنه ، بل وضعت لابراز قصد الحكاية والاخبار عن الواقع ونفس الأمر.
وتوضيح ذلك على وجه أبسط : هو أنّ الانسان لمّا كان محتاجاً في تنظيم حياته المادية والمعنوية إلى آلات بها يبرز مقاصده وأغراضه ، والإشارة ونحوها لا تفي بجميع موارد الحاجة في المحسوسات فضلاً عن المعقولات ، فلا مناص من التعهد والمواضعة بجعل ألفاظ خاصة مبرزة لها في موارد الحاجة ، ودالّة على أنّ الداعي إلى إيجاد تلك الألفاظ إرادة تفهيمها.
وعليه ، فالجملة الخبرية بمقتضى تعهد الواضع بأ نّه متى ما قصد الحكاية عن الثبوت أو النفي في الواقع أن يتكلم بها ، تدل على أنّ الداعي إلى إيجادها ذلك ، فتكون بنفسها مصداقاً للحكاية ، وهذه الدلالة لا تنفك عنها حتّى فيما إذا لم يكن المتكلم في مقام التفهيم والافادة في مقام الثبوت والواقع إذا لم ينصب قرينة على الخلاف في مقام الاثبات ، غاية ما في الباب أنّ تكلمه حينئذ يكون على خلاف مقتضى تعهده والتزامه ، وأمّا الدلالة فهي موجودة لا محالة ويكون كلام المتكلم حجّة عليه ببناء العقلاء من جهة التزامه وتعهده.
نعم ، تنتفي هذه الدلالة فيما إذا نصب قرينة على الخلاف ، كما إذا نصب قرينة على أنّه في مقام الإرشاد أو السخرية أو الاستهزاء أو الهزل ، أو في مقام تعداد الجمل وذكرها من باب المثال ، فانّ الجملة حينئذ لا تدل على قصد الحكاية عن الواقع ، بل تدل على أنّ الداعي إلى إيجادها أمر آخر غير قصد الحكاية.
ويترتب على ما ذكرناه : أنّ الجملة الخبرية من جهة الدلالة الوضعية لا تتصف بالصدق أو الكذب ، فانّها ثابتة على كلا تقديري الصدق والكذب ، فقولنا : زيد عادل ، يدل على أنّ المتكلم في مقام قصد الحكاية عن ثبوت العدالة لزيد ، أمّا أنّه مطابق للواقع أو غير مطابق فهو أجنبي عن دلالته على