ذلك بالكلية.
ومن هنا يظهر أنّه لا فرق بينها وبين الجمل الانشائية في الدلالة الوضعية ، فكما أنّ الجملة الإنشائية لا تتصف بالصدق أو الكذب ، بل إنّها مبرزة لأمر من الامور النفسانية ، فكذلك الجملة الخبرية فانّها مبرزة لقصد الحكاية عن الواقع نفياً أو إثباتاً ، حتى فيما إذا علم المخاطب كذب المتكلم في إخباره ، فالجملة الانشائية والإخبارية تشتركان في أصل الإبراز والدلالة على أمر نفساني ، وإنّما الفرق بينهما فيما يتعلق به الابراز ، فانّه في الجملة الانشائية أمر نفساني لا تعلق له بالخارج ، ولذا لا يتصف بالصدق أو الكذب ، بل يتصف بالوجود أو العدم ، وفي الجملة الخبرية أمر متعلق بالخارج فان طابقه فصادق وإلاّ فكاذب.
ومن هنا يتّضح أنّ المتصف بالصدق والكذب إنّما هو مدلول الجملة لا نفسها ، واتصاف الجملة بهما إنّما هو بتبع مدلولها وبالعرض والمجاز ، ولذا لو أمكن فرضاً الحكاية عن شيء بلا دال عليها في الخارج لكانت الحكاية بنفسها متصفة بالصدق أو الكذب لا محالة.
وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا فرق في إبراز الحكاية بين اللفظ وغيره من الاشارة أو الكتابة أو نحوهما ، فان كل ذلك بالإضافة إلى إبراز الحكاية في الخارج على نسق واحد ، كما أنّه لا فرق في ذلك بين الجملة الاسمية والفعلية.
ثمّ ليعلم أنّ مرادنا من الخارج هو واقع نفس الأمر المقابل للفرض والتقدير أعم من الخارج والذهن ، بل كل وعاء مناسب لثبوت النسبة وعدمها ، فان موارد استعمالات الجملة الخبرية كما عرفت لا تنحصر بالجواهر والأعراض ، بل تعم الواجب والممكن والممتنع والامور الاعتبارية على نحو واحد ، هذا تمام الكلام في تحقيق معنى الجملة الخبرية.
وأمّا الكلام في المقام الثاني : فالصحيح هو أنّ الجملة الإنشائية موضوعة