والقدر الجامع بين الموردين ، فلاحظ.
وبالجملة : الأمر في هذه الأدلّة الخاصّة يدور بين كونها من باب جعل المماثل فلا ترجع القاعدتان إلى قاعدة واحدة ، أو من باب التنزيل والحكومة الموجبة للتوسعة في موضوع الدليل الأوّل فيعود محذور القدر الجامع ، ولا مخلص منه إلاّبالالتزام بامكانه كما عرفت ، ومعه لا حاجة إلى ذلك الدليل ولا إلى ذلك التنزيل ، مضافاً إلى ما سيأتي إن شاء الله من إباء تلك الأخبار عن إفادة التنزيل ، نعم هنا موانع أُخر من جعل القاعدتين قاعدة واحدة سيأتي إن شاء الله إيضاحها.
ثمّ إنّ العلاّمة الأصفهاني قدسسره في رسالته نقل هذا الوجه عن شيخنا قدسسره وأورد عليه بما حاصله : أنّ الدليل المتكفّل لحال الأجزاء إمّا أن يكون من باب التنزيل وإعطاء حكم موضوع لموضوع آخر ، فلا محالة تتعدّد القاعدة ، وإمّا أن يكون من باب تحقيق الموضوع فلا تعبّد في التطبيق بل في إيجاد الفرد الاعتباري كما يوجد الملكية بالحيازة أو الارث ، فيلحقها الأحكام الشرعية المجعولة للملك ، والثاني باطل لعدم إمكان الجعل فيما نحن فيه ، وإنّما يمكن ذلك في الأُمور الاعتبارية القابلة للانجعال بجعل الشارع كالملكية ، فينحصر الأمر بالأوّل وهو قاض بتعدّد القاعدة.
قلت : أمّا الثاني فلا يريده شيخنا قدسسره ، وأمّا الأوّل فقد عرفت أنّه إنّما يكون موجباً لتعدّد القاعدة إذا قلنا برجوع التنزيل إلى جعل المماثل ، لكنّه خلاف مسلك شيخنا قدسسره من جعل هذا النحو من التنزيل من قبيل الحكومة الواقعية الكاشفة عن التوسعة في الموضوع ، وكون ما هو موضوع الحكم واقعاً هو القدر الجامع ، وحينئذ يتّجه عليه قدسسره ما أشرنا إليه من عود محذور الجامع.