ثمّ قال : مع أنّ اعتبار الجزء كلاً بلا موجب الخ (١) ، وكأنّه من تتمّة الإشكال على الوجه الثاني ، وقد عرفت أنّ شيخنا قدسسره لا يريده. وعلى كلّ حال ، أنّ شيخنا قدسسره لم يقل بتنزيل الجزء منزلة الكل أو بجعل الجزء كلاً ، بل كلّ ما أفاده إنّما هو إلحاق الجزء المندكّ في الكل الذي لا ينطبق عليه أنّه شيء بالشيء ، ليدخل في قوله : « كلّ شيء شككت فيه » وأين هذا من تنزيله منزلة الكلّ أو جعله كلاً.
ولا يخفى أنّه قدسسره قرّب أصل الإشكال في رسالته بما هذا لفظه : ومنها أنّ الجزء له لحاظان ، لحاظ بعين لحاظ الكل ، وفي هذا اللحاظ لا يقبل الحكم به وعليه ، ولحاظ استقلالي وهو بهذا اللحاظ سابق رتبة على لحاظ الكل ، ولا يعقل الجمع بين ملحوظين طوليين في إطلاق واحد مبني على لحاظهما في عرض واحد ، وهو اشتباه بيّن عند أهله ، لأنّ معرفة الكل وإن كانت متوقّفة على معرفة أجزائه ، إلاّ أنّه بعد معرفة الكل بأجزائه لا يتوقّف دائماً تصوّر الكلّ على تصوّر سابق لأجزائه ، بل يتصوّر الأجزاء بعين تصوّر الكل عند العارف ، فلا مانع من ملاحظة الجزء مستقلاً في عرض الكلّ ، مع أنّ المدّعى تصوّر الجامع بين الكلّ والجزء وترتيب الحكم عليه ، لا لحاظ الجزء ولحاظ الكلّ في إطلاق واحد ، فإنّ محذوره الجمع بين اللحاظين في إطلاق واحد لا الجمع بين أمرين طوليين في اللحاظ وقد مرّ كيفية ملاحظة الجزء والكل بملاحظة الجامع بنحو اللاّ بشرط القسمي (٢)
__________________
(١) رسالة في قاعدة الفراغ والتجاوز ( المطبوعة آخر الطبعة القديمة من نهاية الدراية ) : ٢٩٧.
(٢) رسالة في قاعدة الفراغ والتجاوز ( المطبوعة آخر الطبعة القديمة من نهاية الدراية ) : ٢٩٧.