بالناقص لقلّته ـ في خصوص باب الاستصحاب ، لأنّه بواسطة عدم اعتنائهم بذلك النقص يرون أنّ ما كان متّصفاً بالحقّة سابقاً بعد أن نقص منه مقدار لا يعلم أنّه أوجب نقصه عن الثمانين هو موجود فعلاً.
والحاصل : أنّ تسامح العرف وإطلاقهم الوزن الخاصّ على ما ينقص عنه قليلاً إنّما هو من قبيل إطلاقهم الأسد على الرجل الشجاع لا يكون إلاّمن قبيل المجاز غير النافع في باب الأحكام ولا في الاستصحاب ، وأمّا تسامحهم في استصحاب كرّية هذا الماء فليست مبنية على هذا النحو من التجوّز ، بل هي مبنية على دعواهم أنّ هذا الموجود يصدق عليه أنّه كان كرّاً باعتبار قلّة ما نقص منه فكأنّه هو بعينه الذي كان موجوداً ، وليس هذا النحو من التسامح براجع إلى مرحلة التجوّز في الاطلاق ، بل هي من أنظارهم العرفية الموجبة لوحدة القضيتين ، نظير ما لو ارتفع التغيّر فيقولون إنّ هذا الماء كان نجساً ، مع أنّ الذي كان هو النجس هو الماء الذي كان متغيّراً ، ولأجل ذلك لا يرون الاتّحاد فيما لو كان الماء كثيراً جدّاً وانفصل عنه أغلبه دفعة بحاجز فعلي ولم يبق إلاّ القليل النسبي الذي يشكّ في كرّيته ، كما تقدّم فيما لو تعذّر المعظم من أجزاء الصلاة.
وكذلك الحال فيما لو كان أزيد من الكرّ بقليل ولكن أُخذ منه ما أوجب نقصه عن الكرّية ولو قليلاً ، فإنّ هذه الدعوى من الوحدة لا تكون حينئذ نافعة مع فرض النقصان عن الكرّ ، لأنّهم حينئذ إنّما يطلقون عليه الكرّ مجازاً ، بخلاف صورة الشكّ في بقاء الكرّية فإنّهم بعد دعواهم الاتّحاد يريدون أن يقولوا إنّ هذا الماء كان كرّاً حقيقياً والآن أيضاً هو كرّ حقيقي بحكم الاستصحاب.
ومن ذلك كلّه يظهر لك الفرق بين المسامحتين كما تقدّمت الاشارة إليه