فيما علّقناه على ص ٢٠٧ (١). وحاصل الفرق هو أنّ العرف لا تسامح لهم إلاّفي عدم الاعتناء بالنقصان القليل ، لكن يترتّب على تسامحهم المذكور أمران :
الأوّل : أنّهم يطلقون اسم المقدار على ذلك الناقص ، وهذا القدر من نتيجة التسامح لا عبرة به عندنا ، ولأجل ذلك لا نعتمد على هذه المسامحة فيما لو علم النقصان.
الثاني : أنّ الشيء كيف ما كان مقداره إذا نقص منه الشيء القليل يكون باقياً بتمامه لا أنّ الباقي بعضه. وبعبارة أُخرى : أنّهم بعد عدم التفاتهم إلى ذلك الطفيف الذي نقص من الشيء وعدم اعتنائهم به وعدم عدّه نقصاناً منه يرون أنّ تلك الذات موجودة لم ينقص منها شيء ، فلو كان ذلك الشيء قبل أن يذهب منه ذلك المقدار القليل موصوفاً بصفة مثل الكرّية ونحوها ، وكان ذهاب ذلك القليل موجباً للشكّ في بقاء تلك الصفة له كانت تلك المسامحة محقّقة لما نطلبه من اتّحاد موضوع المتيقّن مع موضوع المشكوك ، بأن نقول إنّ هذا الشيء كان موصوفاً بالصفة الكذائية والآن نشكّ في بقاء تلك الصفة لذلك الشيء فنستصحبها له ، فكان عدم اعتناء العرف بذلك المقدار من النقص مصحّحاً لأن نقول إنّ بقاء تلك الصفة لذلك الشيء مشكوك ، مع فرض أنّ ذلك الشيء الذي هو المجموع من الباقي والناقص لم يكن موجوداً بالدقّة ، لأنّ الحقيقة أنّي لم أشكّ في بقاء كرّية المجموع ، وإنّما شككت في كرّية بعضه وهو الباقي ، ومن الواضح أنّ كرّية هذا البعض لم تكن متيقّنة سابقاً ، لكن بعد المسامحة العرفية القاضية بأنّ ذلك المجموع باق ببقاء ذلك الأغلب الباقي ، تكون الكرّية المتيقّنة
__________________
(١) راجع المجلّد العاشر من هذا الكتاب الصفحة : ٤٦١ وما بعدها.