والكرّية المشكوكة واردتين على شيء واحد ، فتكون الوحدة المزبورة نتيجة عدم اعتنائهم بذلك الناقص.
قوله : أمّا أوّلاً : فبأنّ الرجوع إلى العقل إنّما يستقيم في المستقلاّت العقلية ... الخ (١).
لكن بالرجوع إليه فيها يتنقّح ما هو الموضوع ، ومعه لا حاجة إلى الاستصحاب لعدم بقاء الشكّ حينئذ ، بل قد عرفت في محلّه أنّه لا معنى لشكّ العقل في موضوع حكمه. نعم قد يشكّ في بقاء الموضوع العقلي على نحو الشبهة الموضوعية ، لكن الجاري حينئذ هو بقاء الموضوع لا الحكم.
قوله : وإن أُريد من الرجوع إلى العرف الرجوع إليه في معرفة معنى موضوع الدليل وتشخيص مفهومه فهو صحيح إلاّ أنّه لا يختصّ بالمقام ... الخ (٢).
بل يمكن أن يقال : إنّ ذلك أعني الرجوع إلى العرف فيما يستفاد من موضوع الدليل لا دخل له بباب الاستصحاب ، بل هو راجع إلى الاجتهاد فيما يستفاد من الدليل الاجتهادي الدالّ على الحكم ، مثلاً الرجوع إلى العرف في الدليل الدالّ على حرمة الغناء إنّما هو في معنى الغناء ، وأنّ المراد به ما هو ، وذلك لا دخل له بباب الاستصحاب ، مضافاً إلى أنّ هذا المقدار من الرجوع لا يمكن أن يقابل بالرجوع إلى نفس الدليل ، فإنّا إنّما نرجع إلى الدليل بواسطة ما يفهم عرفاً منه ، فلا يكون أحدهما إلاّعين الآخر.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧٥.