قوله : لا بلحاظ مقام تعيين أصل الموضوع حتّى يقال إنّ تعيين الموضوع إنّما يكون بيد الشرع وليس للعقل والعرف إلى ذلك سبيل ... الخ (١).
العقل وإن لم يكن له سبيل إلى تعيين موضوع الحكم الشرعي ، إلاّ أنّ العرف له سبيل إلى تعيينه كما عرفت من أنّ معاني المفاهيم الواردة في موضوعات القضايا الأحكامية إنّما تؤخذ من العرف ، نعم إنّ ذلك ـ أعني أخذ معاني تلك المفاهيم من العرف ـ لا دخل له بباب الاستصحاب.
قوله : فما يظهر من كلام الشيخ قدسسره من أنّ انتفاء بعض الخصوصيات يوجب العلم بارتفاع الموضوع عقلاً ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، بل أقصى ما يقتضيه هو الشكّ في بقاء الموضوع لاحتمال أن يكون لتلك الخصوصية دخل في الموضوع ... الخ (٢).
هذا الإشكال إنّما يرد على الشيخ قدسسره لو نسبنا الاختلاف إلى الواقع ، أمّا إذا نسبناه إلى اليقين والشكّ فلا إشكال في تغيّر الموضوع عقلاً ، فإنّ القضية المتيقّنة لو كانت هي نجاسة الماء المتغيّر كان الموضوع لتلك القضية المتيقّنة بما أنّها متيقّنة هو الماء المتغيّر ، فإذا زال تغيّره كان موضوع القضية المشكوكة هو الماء غير المتغيّر ، فلو اعتبرنا الاتّحاد العقلي فلا ريب في عدم جريان الاستصحاب ، لأنّ الموضوع في القضية المتيقّنة مغاير للموضوع في القضية المشكوكة ، بل مقتضى حصول القطع بالاختلاف بين القضيتين وأنّ اليقين إنّما تعلّق بنجاسة الماء المتغيّر وقد زال تغيّره ، هو القطع بعدم بقاء القضية المتيقّنة ، وحينئذ لا ينفعنا
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٧٦.