نظرية : (التعسّف في استعمال الحقوق) ولمّا وصلوا إليها ظنّوها جديدة ولكنّها كانت مقررة في شريعة الله سبحانه قبل أكثر من أحد عشر قرناً من الزمن (١).
أما المتتبع للمنهج الإسلامي فإنّه يلاحظ شموله لمصالح الفرد والجماعة التي تشاركه في العيش وخاصة أُسرته أقرب المقربين إليه ، فالتشريع الإسلامي يُوقف كل فرد عند حدّه إذا أساء استعمال حقوقه وألحق الضرر بغيره ، قال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « .. ألا وإنّ الله عزَّ وجلّ ورسوله بريئان ممّن أضرَّ بامرأة حتىٰ تختلع منه.. » (٢).
من مظاهر سموّ وكمال المنهج الإسلامي ، أنه يجعل العدل والقسط حجر الزاوية في توجّهاته الاجتماعية وخاصّة في مجال الاُسرة ، قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) (٣) ، وقال أيضاً : ( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ) (٤).
وهكذا نجد أنّ الأحكام الشرعية المخصّصة للاُسرة تتميز بالعدل والانسانية ، ومن الشواهد علىٰ ذلك : أنّ التشريع القرآني عندما يلزم الأم بارضاع ولدها يلزم والده ـ في مقابل ذلك ـ بأجرها علىٰ الرضاعة ، ويراعي التشريع القرآني النواحي الإنسانية أيضاً حيث إنّه أكّد علىٰ حقّ الطفل في التمتع
________________
١) التشريع الإسلامي والقانون الوضعي / الدكتور شوكت محمد عليّان : ٢٠٠.
٢) عقاب الاعمال : ٢٤٩ ـ ٢٦٢ / جوامع مناهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣) سورة النساء : ٤ / ١٣٥.
٤) سورة المائدة : ٥ / ٨.