وذكر القاضي في شرح الجمل ان الأولى أن يخرج من هذا العدة يعني المائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون ؛ لأنّا لو أخرجنا من كلّ خمسين حقة ومن كلّ أربعين بنت لبون أجحف ذلك بالفقراء ؛ لأنّه يبقى من العدة إحدى وعشرين لا يدفع منها شيء ، فالأولى إخراج ما ذكرناه من ثلاث بنات لبون. وهو مذهب الشافعي.
على أنه ليس معنى الخبر الوارد بذلك ما تضمنه ظاهره. وإنّما معناه أنّه إن أخرج حقة كانت من خمسين ، وإن أخرج بنت لبون كانت عن أربعين. انتهى.
وأوّل كلامه وإن أوهم عدم إيجابه لإخراج بنات اللبون في الصورة المفروضة إلّا أن آخر كلامه ظاهر الدلالة على الإيجاب ، فكان المقصود بالأولويّة هو الأولوية في الفتوى دون العمل. فكلام هؤلاء الجماعة واضحة الدلالة على ذلك.
وظاهر جماعة منهم كما عرفت حكاية الإجماع ، فما أسنده الشهيد الثاني إلى ظاهر الأصحاب من الحكم بالتخيير مطلقا كما ترى.
وإنّما أشرنا إلى عبائرهم في المقام حتى يتبيّن حقيقة الحال ، فبملاحظة ذلك يشكل الحال في هذا المرام ؛ لما عرفت من ظهور الأخبار في الوجه الأول.
وبناء هؤلاء الأجلّاء على الثاني سيما بعد حكاية الإجماع عليه وكون المراد بما دلّ على إخراج الحقة عن كلّ خمسين وبنت اللبون عن كلّ أربعين فيما إذا كثرت الإبل هو ما فهمه الجماعة في كمال القرب.
بل هو الأظهر في معناه حسبما فسّره الشيخ رحمة الله في المبسوط (١) والخلاف (٢) وغيره ، كما هو المراد بمثل تلك العبارة الواردة في نصاب البقر ؛ للاتفاق هناك على مراعاة ذلك ، فيؤيد ذلك إرادته في المقام أيضا ، فيكون ذكر الوجهين المذكورين مبنيّا على التوزيع دون التخيير.
وحمل ما دلّ على ثبوت ذلك في المائة وإحدى وعشرين غير بعيد أيضا ؛ إذ ليس
__________________
(١) المبسوط ١ / ١٩٢.
(٢) الخلاف ٢ / ٩.