وفي المدارك (١) بعد حكاية عبارة المنتهى : ولا ريب في قوة هذا القول تمسّكا بظاهر التنزيل السالم عن المعارض.
والذي يتقوى في النظر أنّ التألف إن كان لأجل الجهاد فهو ممّا يتوقّف على ثبوت الجهاد في عصر الغيبة حسبما ذكره العلّامة ، فإذا حصل الباعث على مشروعيته كالفرض المذكور في كلامه أو غيره جرى الحكم.
نعم ، لو خصّ فيه بالجهاد المطلوب من جهة الدعاء إلى الإسلام لزم القول بسقوطه حينئذ على الإطلاق إلّا أنّ ظاهر إطلاق الأصحاب خلافه ، وإن كان لأجل التثبّت على الإسلام وكمال الإيمان أو لترغيبه في ذلك وميله إليه.
فقضيّة الإطلاق جريانه في الغيبة أيضا ؛ لإمكان حصوله حينئذ وقيام الحكمة المشرعة له. وليس في الأدلّة ما يقضي بالمنع إلّا أن يقال : إن ذلك من وظائف الإمام عليهالسلام أو نائبه الخاص حال حضوره (٢) ، فقيام غيره مقامه يحتاج إلى دليل.
ويدفعه أنّ الفقيه ينوب منابه في ساير الأحكام ، فكذا في ذلك على أنّ إطلاق الآية قاض فيه بالجواز ، غاية الأمر أن يكون من وظائف الإمام في حال الحضور.
نعم ، روى الطبرسي مرسلا عن أبي جعفر عليهالسلام ثبوت سهم المؤلّفة بعد النّبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا أنّه قال : من شرطه أن يكون هناك إمام عادل يتألفهم به على ذلك (٣).
وهي لإرسالها تقصر عن إفادة المراد.
وكيف كان ، فالمسألة مشكلة جدا ؛ إذ ليس في الأخبار المعتبرة دلالة على شيء من الوجهين.
وظاهر الحال أنّ مثل هذه الأفعال إنّما يصدر عن الحكّام ، واحتمال اختصاصه بالإمام عليهالسلام ليس ببعيد.
__________________
(١) مدارك الاحكام ٥ / ٢١٥.
(٢) في د : « الحضور ».
(٣) لاحظ : تفسير مجمع البيان ٥ / ٧٥ وفيه : « على ذلك بر ».