وكذا يتصدى الأصدقاء كثيرا لمثل ذلك موقعين للإجازة.
إلى غير ذلك من الموارد كما لا يخفى على المتأمل في الطرائق الجارية بين الناس ، بل لا يبعد دعوى قيام السيرة عليه بين المسلمين عن قديم الزمان إلى الآن ، بل فيما بين ساير أهل الملل والأديان ، ولا زال الآباء يتصرفون في أموال الأبناء والأبناء في أموال الآباء ، والأزواج في أموال الزوجات على مقتضى المصالح ، ويجرون عليه على حسب إجازتهم.
بل ولا يبعد أن يكون قوله تعالى ( إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ) (١) قاضيا بذلك ؛ فإنّ مفاده حصول التجارة عن رضا المالك سواء كان رضاه به مقارنا أو لا حقا.
وليس مفاد التجارة مجرد الصيغة ليكون تأخير الرضا عنها منافيا لظاهر الآية ، بل المقصود منها العقد المعتدّ به بين الناس ، وليس إلّا ما جامع رضا المالك.
ولذا يبعد أن يكون ذكر التراضي في المقام من قبيل التوصيف بصيغة الجنس ، فصدق التجارة عليه إنّما يكون بالمراضاة وهو أعم من مقارنتها للعقد أو تقدّمها عليه إلّا (٢) في العقد الصاد من الوكيل أو تأخرها عنه كما في (٣) المقام ، فيندرج بعد حصول الرضا والإجازة في اسم التجارة الحاصلة عن التراضي.
وفيها ما دلّ على صحّة الفضولي في النكاح من الروايات الواردة هناك ، وهي روايات معتبرة متلقّاة بالقبول بين الفرقة معتضدة بالشهرة العظيمة من (٤) الطائفة.
ويدلّ عليه هناك الإجماع المنقول عليه في الجملة من جماعة ، ومن ذلك الأخبار الدالّة على صحّة عقد العبيد مع إجازة الولي ؛ فإنّه عقد فضولي قطعا.
ومن البيّن أنّ الأمر في الفروج وشدّة الاحتياط فيها آكد كما ورد في الرواية ، ونصّ عليه جماعة من الأجلّة ، فيدلّ بالفحوى على الصحّة في غيرها.
__________________
(١) السناء : ٢٩.
(٢) في ( د ) : « كما ».
(٣) في ( ألف ) : « كان » بدلا من : « كما في ».
(٤) في ( د ) : « بين ».