أوّل الخلق ؛ فيجب أن يكونوا غاية الخلق ونهايته ، وأنهم مبدأ الخلق فلا بدّ أن يكونوا معاده. كلّ ذلك بالفعل من كلّ وجه في كلّ مقام من مقامات الوجود ، وهذا لا يتم إلّا بالرجعة ، وإلّا لكان ناقصاً جزئيّاً لا كاملاً تامّاً كلّيّاً.
ومنها : أن محمَّداً صلىاللهعليهوآله : لكمال شرفه كانت بعثته كأنّها ابتداءً دورتان أو هي كذلك ، فقد جمع الله له جميع معاجز الأنبياء طرّاً وأعطاه كمالاتهم أجمع ، وهي المعبّر عنها بمواريث الأنبياء ، وقد ورثها منه خلفاؤه. وجمع في أُمّته جميع ما كان في الأُمم السالفة ، فكانت امّة محمَّد صلىاللهعليهوآله : مقابلة جميع الأُمم ، وقد وقع في الأُمم السالفة الرجعة بعد الموت ، فلا بدّ أن تقع على وجه أكمل في هذه الأُمّة.
ومنها : أن آدم فمن دونه تحت لواء محمَّد صلىاللهعليهوآله : بالفعل في بدء الخلق ويوم القيامة ، فلا بدّ أن يكونوا في هذه النشأة كذلك بالفعل ؛ لوجوب تطابق العوالم ، وهذا لا يكون إلّا بالرجعة.
ومنها : أن الموت الطبيعيّ استكمال تدريجيّ ولذّة أُخرويّة كذلك ، والقتل استكمال دفعيّ ولذّة أُخرويّة رفعيّة ، فلا بدّ أن ينالهما محمّد : وآله المعصومون ؛ لا يمكن أن يفوت أحدَهم نوعٌ من الكمال ولا لذّة من لذّات الآخرة ، وهذا لا يكون إلّا بالرجعة بالضرورة ؛ لأنهم غير صاحب الأمر قتلوا فلا بدّ أن يموتوا ، ولا يكون إلّا بالرجعة.
ومنها : أن عالم الدنيا المحض منتقل عائد إلى الآخرة ، ولا يمكن انتقال النشأة الدنيا المحضة إلى النشأة الأُخرى المحضة دفعة واحدة لما بينهما من كمال المضادّة إذا اعتُبرت الحيثيّتان ، فلا بدّ أن يكون بينهما حالة برزخيّة هي يوم الرجعة ، وقبله يوم قيام القائم : ؛ لترتبط العوالم والنشآت.
عرف ذلك كلّ من عرف أنه لا فصل ولا وصل في الوجود ، فلا بدّ من ليل محض يعبد الله فيه بكمال السرّ ، ونهار محض يعبد الله فيه بكمال الجهر ، وحال بينهما هي الساعة الفجريّة. فقيام القائم : كأوّل الساعة الفجرية التي هي البرزخ بين الليل المحض والنهار المحض ، والرجعة كآخرها قبل طلوع الشمس في الأُفق المرئيّ ، فلا بدّ من يوم القائم ، ويوم الرجعة ، ويوم الدنيا و [ يوم ] الآخرة.