له عشر حسنات وإن تفاضلت قوّة وضعفاً بحسب فضل الواجب على النفل ( وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ) (١) وإنما كانت الحسنة بعشر ؛ لأنها من نور الوجود الفائض من فعل المعبود ، فهي إذا صدرت من العابد صدرت من جميع مراتب وجوده العشر الكلّيّة ( وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ) بحسب قوّة مراتبه وضعفها ، وقوّة درجاته الإيمانيّة العشر وضعفها ، وقوّة علمه وإخلاصه وضعفهما. ولأجل أن طاعات الموحّدين من فاضل شعاع نور إمامهم ، كانت ثابتة غير مجتثّة ؛ لثبات أصلها وعلّتها.
وإن لم يفعل ما نواه :
فإن كان واجباً ؛ فإن كان تركه لحائل قهريّ لم يُعاقب على تركه ، لكنّ هذا لا يتحقّق معه نيّة الترك ؛ لأنه لم تنفكّ عنه النيّة الكلّية للفعل الكلّي ، أو الجزئيّ وهو يُثاب على همّه وعزمه ونيّته أبداً ، بل هو سبب الخلود إذا كان المنويّ يوجب الخلود ؛ وذلك ؛ لأن النيّة من أعمال القلوب التي هي مقرّ الإيمان ، وتلك الألواح المقدّسة لا تفنى ولا ينقطع عملها ؛ ولذلك دام ثوابهم بلا انقطاع وخلّدوا بنيّاتهم.
وإن كان تركه للطاعة الواجبة لا لمانع قهريّ بل اختياراً منه ، عُوقبَ على نيّتهِ ترك الطاعة. وهل يُثاب لو نوى الواجبة ثمّ نوى تركها ولم يفعلها؟
الظاهر أنه لا يُثاب ؛ لأنه محا مادّة وجودها ، و [ أطفأ (٢) ] نوره بتركه لها ؛ فهو كمن راءى ، أو دخله العُجب آخر صلاته. بل لا يمكن أن توجد النيّة الجزئيّة للفعل الجزئيّ إلّا بوجوده ، ولا الكلّيّة إلّا بوجود منويّها الكلّيّ ، وهو الصورة القائمة بالنفس. فإن أعرضَ عن النيّة عُدِمَ المنويّ ؛ لأنه لا تكون الإرادة إلّا والمراد معها ، ولا وجود للمعلول بعد فناء علّته.
ويُحتمل أنه يثاب عليه في الدنيا ، لكنّه ضعيف جدّاً.
وإن نوى فعلها ، ثمّ نوى تركها ، ثمّ ندم ورجع وفعلها ، أُثيب على نيّته السابقة واللاحقة والله غفور رحيم ذو فضل عظيم ؛ فإن تحقّق معه الترك عُوقِب أيضاً على
__________________
(١) البقرة : ٢٦١.
(٢) في المخطوط : ( طفي ).