حال وجوب الجمعة عيناً ليتمّ له القول بسقوط الطلب حينئذٍ لامتناعه ، وتحقّق فعل التيمّم حينئذٍ في آخر الوقت ، حتّى لا يتنافى القول بهذا مع القول بوجوب سبق طلب الماء لصحّة التيمّم ، ومع القول بأن التيمّم لا يشرع إلّا به وفي آخر الوقت ، وأن الجمعة واجب تخييراً حال الغيبة. وفي قصره على حال وجوب الجمعة عيناً أن ذكر جريانه وصحّته في عرفة ينافيه ؛ إذ لا قائل بوجوب الجمعة أو الجماعة في عرفة مطلقاً ، ولا قائل به فيما ظهر ولا دليل عليه.
أمّا القول بهذا وذاك كلّه فممّا لا يرجى التئامُه ؛ ولذا قال الشهيد الثاني : في ( المسالك ) في شرح قول المحقّق : ( وقيل فيمن منعه زحام الجمعة عن الخروج مثل ذلك ) (١) إلى آخره ـ : ( التقييد بمنعه عن الخروج ؛ للاحتراز عمّا لو كان المانع من الخروج خوف فوت الجمعة مع إمكان الخروج لسهولة الزحام وضيق الوقت ، فإنه لا يجوز التيمّم .. وإن فاتته الجمعة ) (٢) ، انتهى.
مع أنه غير منطبق إلّا على القول بوجوب الجمعة عيناً ، أمّا في غير وقت وجوب الجمعة عيناً فلا يتمّ القول بمشروعيّة هذا التيمّم وصحّة الصلاة به ، لا في الجمعة ولا عرفة. على أنه لا يظهر فرق بين الجمعة وعرفة وغيرهما إذا أحدث في المسجد ومنعه الزحام أو التقيّة عن الخروج.
فينبغي تعميم الحكم ، ولم نقف على مصرّح بالتعميم ، بل ظاهر كلّ من ظاهره الفتوى بذلك اختصاص هذا الحكم بالجمعة وعرفة مع جريان السبب [ المذكور ] (٣) لمشروعيّة التيمّم حينئذٍ ، وهو مانعيّة الزحام عن الخروج. وتحصيل الطهارة المائية جار في غير الجمعة وعرفة كثيراً.
وملخَّص البحث أن هذه الأخبار إمّا أن تطرح لما اعتلّت به ممّا ذكر ، أو تحمل على خصوص حال الصلاة مع المخالفين تقيّة. ويعمّم الحكم في كلّ صلاة ، ولا
__________________
(١) شرائع الإسلام ١ : ٤١.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ١١٥.
(٣) في المخطوط : ( المذكر ).