المسافر كما لو قطعها في ثلاثة أشهر لم يقصّر كما عليه جماعة (١). ومسافة البحر قدر مسافة البرّ ولو قطعت في ساعة. ومن قصد مكاناً له طريقان أحدهما مسافة دون الآخر ؛ فإن سلك الأطول قصّر ذهاباً وإياباً ولو من الأقصر ولو كان سلوكه لأجله ، وإن سلك الأقصر أتمّ ، وكذلك إن رجع منه ، وإلّا قصّر في رجوعه خاصّة.
وقصد المسافة يتحقّق بقصد الثمانية ذهاباً ، وبقصد أربعة فراسخ فما فوقها إلى ما دون الثمانية ذهاباً إذا رجع في يومه أو ليلته مع اتّصال السفر عرفاً ، فمن كان كذلك قصّر مطلقاً لشغل يومه حينئذٍ ، ومن لم يرد الرجوع كذلك أتمّ مطلقاً على الأقوى الأشهر. ومن قصد أقلّ من أربعة لم يقصّر إجماعاً ولو رجع ليومه أو حصّل المسافة.
والحاجّ إذا دخل مكّة ولم ينوِ الإقامة فيها ثمّ خرج إلى عرفات يبقى على قصره مطلقاً ولو صلّى تماماً في مكّة من جهة التخيير ، والمقيم بمكّة إذا خرج لعرفات يتمّ لعدم رجوعه في يومه أو ليلته ، هذا هو الأشهر وعليه تجتمع النصوص (٢).
ولا بدّ في تحقّق صحّة القصر من تحقّق الدخول في السفر ، وهو الضرب المذكور في الآية (٣) ، فلا يكفي قصد المسافة بدون الخروج من محلّ الإقامة. ولا يعتبر في الضرب قدر معيّن ، بل متى بلغ محلّ الترخّص وهو مكان يخفى فيه أذان محلّ إقامته وجدران بيوته قصّر ، ولا عبرة بسواده ولا حدوده ولا بشاهق الأبنية ولا صيّت المؤذّنين ولا حديد السمع له ، بل العبرة في كلّ ذلك بالوسط.
ويقدّر أيضاً مرتفع الأرض ومنخفضها بمستويها. وعادم الحسّ يرجع لواجده. ويكفي خفاء أحدهما إن لم يوجد الآخر ، ولو وجدا وخفي أحدهما دون الآخر فالأقوى عدم التقصير. هذا في قاصد السفر الصحيح من محلّ إقامته. ومثل غير القاصد والعاصي بسفره يقصّر متى زال المانع إن بقي له قصد مسافة.
__________________
(١) الذكرى : ٢٥٧ ( حجريّ ) ، مدارك الأحكام ٤ : ٤٣٣.
(٢) انظر وسائل الشيعة ٨ : ٥٣٧ ـ ٥٣٨ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ٢٧.
(٣) النساء : ١٠١.