لكلّ منهما ومظهراً له عن الآخر ، وما يحكم عليه شيء أو يظهره ويبيّنه غيره ليس بصانع غير مصنوع ، ولا غنيّ بذاته ، ولا واحد من كلّ وجه ، بل له جهة يشبهه بها غيرُه ، وجهة يمتاز بها عن المثل ، فيكون مركّباً لا واحداً ، وبمعنى أنه ليس له جزء يغاير جزءاً ، فليس ذو الأجزاء بواحدٍ.
وأيضاً يفتقر كلّ من الأجزاء إلى ما يميّزه عن الآخر. وهكذا ، فيكون مميّزات لا تحصى ، فلا يُعرف الخالق من غيره.
وأيضاً يفتقر حينئذٍ إلى ما يلائم ويركّب كلّاً من الجزأين مع الآخر ، والفقير محكوم عليه ، فليس هو صانعاً غير مصنوع ، ولا واحداً حقيقيّا.
ولا تتوهّم أن وحدة الواجب تعالى عدديّة ، بمعنى أنه واحد ، أي واحد بالعدد ، فإن جميع الأعداد ملك له ، فلا يكون هو أحدها.
وأيضاً لو كان وحدته بمعنى العدد لكان له شبهٌ ؛ إذ الواحد بالعدد كثير فيه استخدام (١) ، فتفطّن. وقد عرفت بالدليل أنه منزّه عن الشبه ، فإذا عرفت هذا علمت أنه تعالى ليس له شريك ؛ إذ المشاركة تقتضي المشابهة والمماثلة.
وأيضاً لو كان له شريك ؛ فإمّا أن يكون كلّ منهما قادراً على العلم والإحاطة بحقيقة الآخر وعلى قهره ومنعه عمّا يريد ، [ أو (٢) ] لا. فعلى كلا الوجهين يكون كلّ منهما مقهوراً عاجزاً عن دفع النقص والغلبة له والعجز عن نفسه ، فليس بواجب الوجود ولا قاهرٍ غير مقهور. وإن كان أحدهما قادراً على ذلك دون الآخر فهو واجب الوجود بلا شريك ولا مثل ، دون الآخر ، لعجزه.
وأيضاً لو كان له شريك لكان له مثل ، وقد عرفت استحالته.
وأيضاً المشاركة تقتضي مشتركاً فيه وإلّا فلا شريك. والمشترك فيه ؛ إمّا أن يكون حقيقة الذات [ أو (٣) ] صفاتها الذاتيّة ، وهذا يرجع إلى المشابهة المنفيّة بالدليل ، أو إلى
__________________
(١) كذا في المخطوط.
(٢) في المخطوط : ( أم ).
(٣) في المخطوط : ( و ).