المذكور (١) ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
وأمّا الاستدلال على أن حكم الإمام دائر بين الوجوب والاستحباب ، والمأموم بين الكراهة والتحريم ، بموثّقة أبي بصير المذكورة (٢) حيث إنها اشتملت على لفظ ينبغي للإمام .. ولا ينبغي للمأموم ، وهو لفظ مشترك بين الوجوب والندب ، لوروده مستعملا فيهما ، فنفيه مشترك بين الكراهية والتحريم ففيه أن لفظ ينبغي لا نعرف أحداً ممّن علمناه قبل الشيخ عبد علي : عمّ الشيخ حسين : المذكور ـ [ فهم ] من معنى ينبغي إلّا الرجحان الذي لا يبلغ حدّ الوجوب. واستعمال الشارع له في الوجوب بقرينة لا يدلّ على أنه حقيقة شرعيّة ولا عرفيّة ولا لغويّة فيه ، بل ظاهر اللغة والعرف العامّ أنه حقيقة في الرجحان كما قلنا.
والنقل عنه يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه ، والشارع لا يخاطب الناس إلّا بما يعرفون ، بل أمروا عليهمالسلام نوّابهم بأن يخاطبوا الناس بما يعرفون ويذروهم بما لا يعرفون ، فلو أرادوا عليهم سلام الله من لفظ معنى لا يعرفه المخاطب فلا بدّ أن يبيّنوا له المراد ؛ إذ لا تكليف إلّا بعد البيان. ومتى أطلقوا القول ولم يدلّوا على معنى غير ظاهره وما يفهمه المخاطب منه ، فلا بدّ أن يريدوا منه ما يفهمه المخاطب بمقتضى أدلّة العدل.
ولو سلّمنا أن « ينبغي » مشترك بين الوجوب والاستحباب شرعاً حتّى يكون لا ينبغي مشتركاً بين الكراهة والتحريم ، وأطلق القول كما في هذا الموثّق بلا قرينة تعيّن أحد الحقيقتين وجب حمله على القدر المتيقّن ، وهو المعنى المشترك بين الحقيقتين أعني : مطلق الرجحان وهو لا يدلّ على أكثر من الاستحباب ؛ لأنه المتيقّن ، وإلّا لزم الإغراء بالجهل ، أو التكليف بالمجهول ، وهو تكليف بما لا يطاق.
هذا مع أنه محال أن يطلق الشارع في حال التكليف لفظاً له معنيان حقيقيّان ولا
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ١٠٢ / ٣٨٣ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٠١ ، أبواب التشهّد ، ب ٦ ، ح ٢.
(٢) المصدر نفسه.