لا دليل عليه ، وسائر الأذكار خرجت بدليل ، وأمّا أنه مسقط لتخيير المنفرد فحقّ ؛ إذ لا دليل عليه يخرجه عن تلك العمومات والإطلاقات ، ولا نسلّم اختصاص حديث أبي خديجة (١) : بكيفيّة مخصوصة هي ما ذكره رحمهالله. وقد عرفت وجه دلالة تلك الأخبار على ما ادّعى من وجوب الإخفات بالتسبيح والقراءة مطلقاً.
ولم نقف على سرائر ابن إدريس : ولا على عبارة ( التذكرة ) ، وما نقلناه عن الشيخ علي المقابي : من عبارة ( التذكرة ) و ( السرائر ) ينافي القول بالجواز ، وأمّا ابن فهد : فلم نقف له على فتوًى في المسألة في مهذّبه ، وصوره عبارته في الكتاب : ( وهل يجب الإخفات فيه؟ قال الشهيد : نعم (٢). وبعدمه قال ابن إدريس : ) (٣) ، انتهى.
وليس له فيها فتوًى ولا كلام في المسألة غير هذا ، وأمّا أن مجرّد الشهرة غير كافٍ في الاستدلال فقد عرفت أن في حجّية الشهرة خلافاً. وعلى القول بحجّيّتها فلو اختلفت شهرة المتقدّمين والمتأخّرين فما المعتبر منهما؟ قولان.
وبالجملة ، فالظاهر أنه إذا اتّفقت شهرة المتقدّمين والمتأخّرين ولم يظهر دليل أقوى منها يخالفها فهي حجّة ، وقد يحصل منها إجماع مشهوري إذا انضمّ لها ما يوجب العلم أو الظنّ المتأكّد جدّاً على الخلاف في انسداد باب العلم وعدمه.
وأمّا قوله : ( إلّا إن الأولى في سلوك طريق الاحتياط ) (٤) إلى آخره ، فيلوح منه التوقّف وعدم الجزم بوجوب الجهر به ، بل بجوازه أو إيجاب القراءة لتحصيل يقين البراءة ، فيكون من باب الاحتياط الوجوبي.
وهذا لا دليل عليه ولا قائل به ولا يخلو من اضطراب ، مع أنه لم يخرج بهذا من خلاف من أوجب الإخفات بالبسملة حينئذٍ إن جهر بها ، ولا من خلاف من أوجب الجهر بها إن خافت بها حينئذٍ ، مع أن خلافه ودليله أقوى من قول من أوجب الجهر
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٧٥ / ٨٠٠ ، وسائل الشيعة ٨ : ٣٦٢ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٦.
(٢) الذكرى : ١٨٩ ( حجريّ ).
(٣) المهذّب البارع ١ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٤) انظر : ص ٥٠٦.