القدح في الأرض ، ثم يصب على رأس الرجل الذي يصيبه (العين) (١) ، من خلفه ، صبة واحدة.
والعين عينان : عين إنسية ، وعين جنية. فقد صح عن أم سلمة : « أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، رأى في بيتها جارية في وجهها سعفة ، فقال : استرقوا لها ، فإن بها النظرة » (٢).
قال الحسين بن مسعود الفراء : وقوله « سعفة » أي : نظرة ، يعنى من الجن. يقول : بها عين أصابتها من نظر الجن ، أنفذ من أسنة الرماح.
ويذكر عن جابر ـ يرفعه ـ : « إن العين لتدخل الرجل القبر ، والجمل القدر » (٣). وعن أبي سعيد : « أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، كان يتعوذ من الجان ، ومن عين الانسان » (٤).
فأبطلت طائفة ـ ممن قل نصيبهم من السمع والعقل ـ أمر العين ، وقالوا : إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها. وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل ، ومن أغلظهم حجابا ، وأكثفهم طباعا ، وأبعدهم من معرفة الأرواح والنفوس وصفاتها ، وأفعالها وتأثيراتها.
وعقلاء الأمم ـ على اختلاف مللهم ونحلهم ـ لا تدفع أمر العين ولا تنكره : وإن اختلفوا في سببه ، ووجهة (٥) تأثير العين. فقالت طائفة : إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة ، انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين ، فيتضرر. قالوا : ولا يستنكر هذا ، كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى ، تتصل بالانسان فيهلك. وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي : أنها إذا وقع بصرها على الانسان هلك ، فكذلك العائن.
وقالت فرقة أخرى : لا يستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية ، فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه ، فيحصل له الضرر.
__________________
(١) زيادة عن الزاد.
(٢) أخرجه البخاري ومسلم والحاكم وأبو نعيم والإسماعيلي في مستخرجيهما والطبراني اه ق.
(٣) أخرجه البزار بسند حسن بمعناه اه ق.
(٤) أخرجه الترمذي وحسنه ، والنسائي اه ق.
(٥) كذا بالزاد. وفى الأصل : وجهة. ولعله تحريف.
(٩ ـ الطب النبوي)