في حفظ الصحة. فمتى أكل الانسان ما تعافه نفسه ولا تشتهيه (١) : كان تضرره به أكثر من انتفاعه.
قال أنس : « ما عاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم طعاما قط ، إن اشتهاه : أكله ، وإلا : تركه ولم يأكل منه ». ولما قدم إليه الضب المشوى : لم يأكل منه ، فقيل له : أهو حرام؟ قال : « لا ، ولكن : لم يكن بأرض قومي ، فاجدنى أعافه ». فراعى عادته وشهوته ، فلما لم يكن يعتاد أكله بأرضه ، وكانت نفسه لا تشتهيه ـ : أمسك عنه ، ولم يمنع من أكله من يشتهيه ، ومن عادته أكله.
وكان يحب اللحم ، وأحبه إليه : الذراع ومقدم الشاة. ولذلك سم فيه.
وفى الصحيحين : « أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلحم ، فرفع إليه الذراع ، وكانت تعجبه ». وذكر أبو عبيد وغيره ، عن ضباعة بنت الزبير ـ : « أنها ذبحت في بيتها شاة ، فأرسل إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أن أطعمينا من شاتكم. فقالت للرسول : ما بقى عندنا إلا الرقبة (٢) ، وإني لاستحى أن أرسل بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فرجع الرسول فأخبره ، فقال : ارجع إليها ، فقل لها : أرسلي بها ، فإنها هادية الشاة وأقرب إلى الخير ، وأبعدها من الأذى ».
ولا ريب أن أخف لحم الشاة : لحم الرقبة ، ولحم الذراع والعضد. وهو أخف على المعدة ، وأسرع انهضاما. وفى هذا مراعاة الأغذية التي تجمع ثلاثة أوصاف : ( الأول ) (٣) : كثرة نفعها وتأثيرها في القوى. ( الثاني ) : خفتها على المعدة ، وعدم ثقلها عليها. ( الثالث ) : سرعة هضمها. وهذا أفضل ما يكون من الغذاء. والتغذي باليسير من هذا ، أنفع من الكثير من غيره.
__________________
(١) بالزاد : يشتهيه. وكل صحيح.
(٢) كذا بالزاد. وفى الأصل. الرقية. وهو تصحيف.
(٣) زيادة حسنة لم ترد بالزاد أيضا.