عليه ، واتفق رأيها على الرضى به ، وكان الذي يبايع الناس وهو في السجن خمسة نفر : السائب بن مالك الأشعري ، ويزيد بن أنس ، وأحمر بن شميط ، ورفاعة بن شداد الفتياني ، وعبدالله بن شداد الجشمي ، ولم يزل أمره يقوى ويشتد ، حتى عزل ابن الزبير عبدالله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة وبعث عبدالله بن مطيع إلى الكوفة عاملاً عليها ، هذا والمختار تكثر أصحابه ، فجاء إياس بن مضارب إلى ابن مطيع وقال له : إنّ السائب بن مالك من رؤساء أصحاب المختار ، ولست آمن المختار ، فابعث إليه فليأتك فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم أمر الناس ، فإن عيوني قد أتتني وأخبرتني أنّ أمره قد استجمع له ، وكأنه قد وثب بالمصر.
فبعث إليه ابن مطيع رجلان ، فدخلا عليه ، فقالا : أجب الأمير ، فدعا بثيابه وأمر بإسراج دابته ، فلمّا رأى زائدة بن قدامة ذلك قرأ هذه الآية (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (١) ففهمها المختار ، فجلس ثم ألقى ثيابه عنه ثم قال : ألقوا عَلَيَّ القطيفة ما أراني إلّا وقد وعكت ، إنّي لأجد قفقفة شديدة ، ثمّ تمثل بقول الشاعر :
إذا ما معشر تركوا نداهم |
|
ولم يأتوا الكريهة لم يهابوا |
والتفت إلى الرجلين ، وقال : ارجعا إلى ابن مطيع واعلماه حالي التي أنا عليها.
ولما عزم المختار على النهوض بالكوفة قال الطبري : بعث الى أصحابه وأخذ بجمعهم في الدور حوله وأراد أن يثب بالكوفة في المحرم ، فجاء رجل إلى أصحابه من شبام وكان عظيم الشرف يقال له عبدالرحمن بن شريح ، فلقي جماعة
__________________
(١) سورة الأنفال : ٣٠.