في خطبة علي بن الحسين في مجلس يزيد
ذكر صاحب كتاب بحر المصائب : إنّ يزيد بن معاوية دعا بخطيب وكان فصيح اللسان قليل المعرفة بربّه ، فقال له : أجمع الناس بالجامع واصعد المنبر فسب علياً وأولاده ، ففعل ما أمر به وزاد وأكثر في مدح يزيد ، فلمّا سمعه زين العابدين عليهالسلام ، قام قائماً على قدميه ، وقال : (أيّها الخطيب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوّء مقعدك من النار) ، ثم التفت إلى يزيد (لعنه الله) وقال : (أتأذن لي حتى أصعد هذه الأعواد وأتكلم في كلمات لله فيهنّ رضاً ولهؤلاء الجلساء فيهنّ أجر وثواب؟).
قال : فأبى يزيد عليه ، فقال له الناس : يا أمير المؤمنين أئذن له فليصعد المنبر ، فلعلّنا نسمع منه شيئاً ، فقال : إذا إنّه صعد لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيخة آل أبي سفيان ، فقيل له : يا أمير وما قدر ما يحسن هذا العليل؟ فقال : إنه من أهل بيت قد زُقّوا العلم زقّاً.
قال : ولم يزالوا به حتى أذن له ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلّى عليه ، ثم قال : (أيّها الناس أحذركم الدنيا فإنّها دار زوال ، وهي أفنت القرون الماضية ، وهم كانوا أكثر منكم أموالاً وأطول أعماراً ، وقد أكل التراب لحومهم ، وغيّر