أحوالهم ، أفتطمعون بعدهم بالبقاء ، هيهات هيهات ، لابد باللحوق والملتقى ، فتذكّروا ما مضى من أعماركم ، وما بقي ، وأفعلوا فيه ما سوف يلتقى عليكم بالأعمال الصالحة قبل انقضاء الأجل ، وفروغ الأمل ، فعن قريب تؤخذون من القصور إلى القبور ، وبأفعالكم تحاسبون ، فكم والله من فاجر قد استكملت عليه الحسرات ، وكم من عزيز قد وقع في مسالك الهلكات ، حيث لا ينفع الندم ، ولا يغاث من الظلم (ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحدا) (١).
ثم قال : أيها الناس اُعطينا ستّاً وفُضّلنا بسبع : اعطينا العلم ، والحلم ، والسماحة ، والفصاحة ، والشجاعة ، والمحبة في قلوب المؤمنين ، وفُضِّلنا بأنّ منا النبي المختار ، ومنّا الصديق ومنّا الطيار ، ومنّا أسد الله وأسد رسوله ، ومنّا سبطا هذه الأُمّة ، ومنّا مهديّها.
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي ، أيها الناس أنا بن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء ، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حج ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهواء ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أنا من بلغ به جبريل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل وما أوحى ، أنا ابن محمد المصطفى.
أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا أله إلّا الله ، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بسيفين ، وطعن برمحين ، وهاجر
__________________
(١) الكهف من الآية ٤٩.