في ما فعله السفّاح ببني أُمية
ذكر أرباب التاريخ وأهل السير : أنّه لمّا انهار كيان الدولة الأُموية وانهدم عرش جورهم على يد أبي مسلم الخراساني والمسوّدة ، تربّع على كرسي الخلافة ابو السفاح (١) ، خافته الملوك والتجأت إليه الأُمم ، وتشتت بنو أمية شرقاً وغرباً خوفاً من سطوته والفتك بهم.
قال أرباب التاريخ : ولمّا استتب له الأمر كتب إليه جماعة من الأمويين يطلبون منه الأمان ويسألونه التعطف والإحسان ، وأنّه لا يؤاخذهم بما كان ، وأن يجعلهم أهل بطانته ، فأجابهم : أنه غير غني عنهم ، وإنّه يحتاج الى خدمتهم ، وضمن لهم الأموال والعطايا والأقطاع ، واجتمع إليه الكبير والصغير من آل أبي سفيان واعقاب يزيد وآل زياد ، فقربهم إليه ، وجعل منهم أمراء وحجّاب وندماء ووكلاء حتى اختلفت فيه الأقوال ، فمن قائل يقول : إنه عمل هذا سياسة منه ،
__________________
(١) هو أبو العباس السفاح عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب ، ولد في مستهلّ رجب سنة أربع ومائة ، وبويع له بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشر ليلة خلت من ربيع الآخر ، سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر ، واُمّه ريطة بنت عبيدالله بن عبدالله بن عبدالمدان ، توفي بالأنبار لثلاث عشر ليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة ، وصلى عليه عمّه عيسى بن علي.