في تتمة قضية التوّابين
لما ارتحل سليمان بن صرد بأصحابه من قرقيسيا ، أقبلوا يجدّون السير وجعلوا كلّ مرحلتين مرحلة.
قال الراوي : فمررنا بالمدن حتى بلغنا ساعا ، ثم إنّ سليمان بن صرد عبّأ الكتائب وأقبل حتى انتهى إلى عين الوردة ، فنزل في غربّيها ، وسبق القوم إليها فعسكر ، وأقام بها خمساً لا يبرح ، واستراحوا واطمأنّوا وأراحوا خيولهم.
قال : وأقبل أهل الشام في عساكرهم ، حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة ، فلمّا سمع ذلك سليمان قام خطيباً في أصحابه ، وقال : أمّا بعد ، فقد أتاكم الله بعدوّكم الذي دأبتم في المسير إليه ، آناء الليل والنهار تريدون فيما تظهرون التوبة النصوح ، ولقاء الله معذورين ، فقد جاءكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحيزهم ، فإذا لقيتموهم فاصدقوهم ، واصبروا إنّ الله مع الصابرين ، ولا يوّلّينهم امرؤ دبره إلّا متحرفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة لا تقتلوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا أسيراً من أهل دعوتكم إلّا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه أو يكون من قتلة إخواننا بالطف رحمة الله عليهم ، فإن هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في أهل هذه الدعوة ، ثم بعث المسيب بن نجبة في أربعمائة فارس ، وقال له : سر حتى تلقى أول عسكر من عساكرهم ، فشنّ فيهم الغارة فإذا رأيت ما تحبه ، وإلّا انصرفت إليَّ في أصحابك ، وإيّاك أن تنزل أو تدع