أحداً من أصحابك أن ينزل.
فسار المسيّب بن نجبة بالعسكر حتى إذا جن عليهم الليل باتوا ثم ساروا وإذا هم برجل ، قالوا له : من أين أنت؟ قال : من تغلب. فقال المسيب : غلبنا ورب الكعبة ، ثم سأله كم بيننا وبين أدنا هؤلاء القوم منّا ، قال : أدنا عسكر من عساكرهم منكم ابن ذي الكلاع على رأس ميل ، فتركنا الرجل وأقبلنا نحوهم مسرعين ، فوالله ما شعروا حتى أشرفنا عليهم وهم غارون ، فحملنا في جانب عسكرهم فوالله ما قاتلوا كثيراً حتى انهزموا ، فأصبنا منهم رجالاً وجرحنا فيهم ، فأكثرنا الجراح وأصبنا لهم دواباً وخرجوا من عسكرهم وخلّوه لنا ، فأخذنا منه ما خفّ علينا ، فصاح المسيب فينا الرجعة ، إنّكم قد نصرتم وغنمتم وسلّمتم ، فانصرفوا فانصرفنا حتى أتينا سليمان.
وبلغ ذلك ابن زياد فسرّح إلينا الحصين بن نمير مسرعاً ، حتى نزل في اثني عشر ألفا ، فخرجنا إليهم يوم الأربعاء لثمان بقين من جمادي الأُولى ، فجعل سليمان بن صرد عبدالله بن سعد بن نفيل على ميمنته ، وعلى ميسرته المسيب بن نجبة ، ووقف هو في القلب وجاء الحصين بن نمير وقد عبّأ لنا جنده ، فجعل على ميمنته جبلة بن عبدالله ، وعلى ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي ، ثم زحفوا إلينا ، فلمّا دنوا دعونا الجماعة إلى عبدالملك بن مروان إلى الدخول في طاعته ، ودعوناهم الى أن يدعوا لنا عبيدالله بن زياد فنقتله ببعض من قتل من إخواننا ، وأن يخلعوا عبدالملك بن مروان ، وإلى أن يخرج من بلادنا من آل ابن الزبير ، ثم نرد هذا الأمر إلى أهل بيت نبيّنا الذين آتانا الله من قبله بالنعمة من قبلهم بالنعمة والكرامة ، فأبى القوم وأبينا ، فحملت ميمنتنا على ميسرتهم وهزمتهم ، وحملت ميسرتنا على ميمنتهم ، وحمل سليمان في القلب على جماعتهم فهزمناهم حتى اضطررناهم إلى عسكرهم ، فما زال الظفر لنا عليهم ، حتى حجز الليل بيننا وبينهم ، ثم انصرفنا عنهم وقد احجزناهم في عسكرهم.