الله لإصلاح دار الأمارة بالكوفة ، فبينا أنا أجصص الأبواب وإذا بالزعقات قد ارتفعت من جنباب الكوفة ، فأقبل عليَّ خادم كان معنا ، فقلت : مالي أرى الكوفة تضجّ؟ قال : الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد ، فقلت : من هذا الخارجي؟ فقال : الحسين بن علي ، قال : فتركت الخادم حتى خرج ، لطمت وجهي حتى خشيت على عينيّ أن تذهبا ، وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر ، وأتيت الى الكناس ، فبينا أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس ، وإذا بالمحامل نحو ثمانين شقة تحمل على أربعين جملا فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة الزهراء وإذا بعلي بن الحسين عليهالسلام على بعير بغير وطاء وأوداجه تشخب دماً ، وهو يبكي ويقول :
يا أُمّة السوء لا سقياً لربعكم |
|
يا أُمّة لم تراع جدّنا فينا |
لو أنّنا ورسول الله يجمعنا |
|
يوم القيامة ما كنتم تقولونا |
تسيّرونا على الأقتاب عارية |
|
كأنّنا لم نشيّد فيكم دينا |
تصفقون علينا كفّكم طرباً |
|
وأنتم في فجاج الأرض تسبّونا |
أليس جدّي رسول الله ويلكم |
|
أهدى البرية من سبل المضلّينا |
والذي عظم على بنات الرسالة وزاد أشجانها وهو إن نساء الأنصار اللاتي ترملن يوم كربلاء وجئ بهن مع عيال الحسين عليهالسلام اسارى الى الكوفة تشفعوا فيهن ذوي رحمهن عند ابن زياد (لعنه الله) فأمر بتسريحهن وبقيت بنات رسول الله فوصفها الشاعر بقوله :
لا من بني عدنان يلحضها |
|
ندب ولا من هاشم بطل |
إلّا فتى نهبت حشاشته |
|
كفّ المصاب وجسمه العلل |
وقال الآخر :
ذاب فما في جسمه مفصل |
|
إلّا وفيه ألم ثابت |
رقّ له الشامت ممّا به |
|
ما حال من رقّ له الشامت |