قال الراوي : فتعلّقت به عمّته زينب والتفتت الى ابن زياد (لعنه الله) وقالت : حسبك يابن زياد من دمائنا ما سفكت ، أترك لنا هذا العليل. فإن أردت قتله فاقتلني قبله ، فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة ، ثم قال : عجباً للرحم ، والله لأظنّها ودّت أني قتلتها معه ، دعوه فإنّي أراه لما به. فقال السجاد لعمّته : اسكتي يا عمّة حتى اُكلّمه ، ثم أقبل عليه ، وقال له : أبالقتل تهدّدني يابن زياد؟ أما علمت أنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة؟!
قال الراوي : ثم أمر ابن زياد بعلي ابن الحسين عليهالسلام فغل وحمل مع النسوة إلى دار كانت إلى جنب المسجد الأعظم. فقالت زينب بنت علي : لا تدخل علينا عربية إلّا اُم ولد أو مملوكة فإنّهنّ سبين كما سبينا.
قال : وأمر ابن زياد (لعنه الله) برأس الحسين عليهالسلام فطيف به في سكك الكوفة كلها وقبائلها ، قال زيد ابن أرقم (١) : مرّوا علي برأس الحسين عليهالسلام وهو على الرمح وأنا في غرفة لي ، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ هذه الآية (أَمْ حَسِبْتَ أَنّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) (٢) فوقف والله شعري ، وناديت : يابن رسول الله ، والله إنّ أمرك أعجب وأعجب. ولمّا فرغوا من التجوال به في السكك والطرقات ، أمر ابن زياد أن ينصب على خشبة بالصيارفة ، وهو أول رأس صلب في الاسلام على خشبة.
قال : فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف الى قوله تعالى : (آمَنُوا بِرَبّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً) (٣).
__________________
(١) زيد بن أرقم الأنصاري من أهل بيعة الرضوان.
(٢) سورة الكهف ٩.
(٣) سورة الكهف من الآية ١٣.