وقد فهم النبي صلى الله عليه وسلم من هذا أن الأمر قد تمّ ، ولم يبق إلا أن يلحق بالرفيق الأعلى ، فقال فيما روى عنه : إنه قد نعيت إليه نفسه.
قال ابن عمر : نزلت هذه السورة بمنى فى حجة الوداع ، ثم نزلت «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي» فعاش بعدها ثمانين يوما ، ثم نزلت آية الكلالة فعاش بعدها خمسين يوما ، ثم نزلت : «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ» فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوما ، ثم نزلت : «وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ» فعاش بعدها واحدا وعشرين يوما.
وصلّ وسلّم ربّنا على محمد وآله وأصحابه الذين هاجروا وجاهدوا ورابطوا فى سبيل الله.
سورة المسد
هى مكية ، وآياتها خمس ، نزلت بعد سورة الفتح.
ومناسبتها لما قبلها ـ أنه ذكر فى السورة السابقة أن ثواب المطيع حصول النصر والاستعلاء فى الدنيا ، والثواب الجزيل فى العقبى. وهنا ذكر أن عاقبة العاصي الخسار فى الدنيا والعقاب فى الآخرة.
أسباب نزول هذه السورة
روى البخاري عن ابن عباس أنه قال : «خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى (يا صباحاه) فاجتمعت إليه قريش ، فقال : أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبّحكم أو ممسّيكم أكنتم تصدقونى؟ قالوا نعم ، قال : فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد» فقال أبو لهب : ألهذا جمعتنا؟ تبّا لك!! وفى رواية : إنه قام ينفض يديه ويقول : تبّا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ».