أبيه قال : ساق رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأصحابه ، فجعل يقول : «جندب وما جندب ، والأقطع الخير الخير» حتى أصبح ، فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأبي بكر رضي الله تعالى عنه : ما رأينا رجلا أحسن ثيابا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قد قطع بكلمتين : «جندب وما جندب والأقطع الخير الخير» ، فسأله أبو بكر ، فقال : «أمّا جندب فيضرب ضربة يكون فيها أمة وحده ، أمّا زيد فرجل من أمّتي تدخل يده الجنّة قبل بدنه ببرهة» ، فلما ولي عثمان ولّى الوليد بن عقبة الكوفة فصلى بهم الغداة ركعتين ثم قال : اكتفيتم أو أزيدكم ، فقالوا : لا تزدنا ، قال : ثم اجلس رجلا يسحر ، يريهم أنه يحيي ويميت فأتى جندب الصياقلة (١) فقال : ابغونا صفحة لا تردّ عليّ فجاء بسيف تحت برنسه ثم ضرب به عنق السّاحر فقال : احي نفسك الآن ، فقال الناس : خارجي ، فقال : لست بخارجي من عرفني فأنا الذي أعرف ومن لم يعرفني فأنا جندب فرفع إلى عثمان فقال : شهرت سيفا في الإسلام ، لو لا ما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيك لضربتك بأجود صفيحة (٢) في المدينة ، ثم أمر به إلى جبل الدخان.
وأما زيد فقطعت يده يوم القادسيّة ، وقتل يوم الجمل فقال : ادفنوني في ثيابي ، فإني مخاصم ، أتيناهم دارهم ، وطعنا على خليفتهم ، فيا ليتنا إذا ابتلينا صبرنا ، انتهى [٢٨٢٠].
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، نبأنا أبو العبّاس الأصم ، نبأنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، أن الوليد بن عقبة كان بالعراق يلعب بين يديه ساحر ، فكان يضرب رأس الرّجل ثم يصيح به فيقوم خارجا فيرتد إليه رأسه فقال الناس : سبحان الله يحيي الموتى ، ورآه رجل من صالح المهاجرين ، فنظر إليه فلما كان من الغد اشتمل على سيفه ، فيذهب يلعب لعبه ذلك ، فاخترط الرجل سيفه ، فضرب عنقه ، فقال : إن كان صادقا فليحيي نفسه ، فأمر به الوليد دينارا صاحب السّجن ، وكان رجلا صالحا ، فسجنه ، فأعجبه نحو الرجل ، فقال : أتستطيع أن تهرب؟ قال : نعم ، قال : فاخرج لا يسألني الله تعالى عنك أبدا.
أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الجريري ، عن القاضي أبي الطيب
__________________
(١) الصياقلة جمع صيقل هو شحاذ السيوف وجلّاؤها (القاموس).
(٢) بالأصل : صحيفة.