غير أن عام الفيل نفسه غير معروف على وجه التحديد (١) ، والأمر كذلك إلى من يرونه يتفق وموقعه «ذي قار» (٢) ، ومن ثم فقد اعتمد العلماء على تاريخين محققين من السيرة النبوية الشريفة ، لتحقيق المولد النبوي الشريف ، وهما : تاريخ الهجرة في عام ٦٢٢ م ، وتاريخ الانتقال إلى الرفيق الأعلى في عام ٦٣٢ م ، ومع ذلك لم يصل العلماء ، إلى نتائج مؤكدة.
وعلى أية حال ، فإن «جوستاف لوبون» يرى أن مولد المصطفى صلىاللهعليهوسلم إنما كان يوم ٢٧ أغسطس عام ٥٧٠ م ، بينما يتأخر به «كوسان دي برسيفال» يومين ، فيراه في ٢٩ أغسطس ٥٧٠ م ، وأما محمود باشا الفلكي فقد حدد لمولد مولانا وسيدنا وجدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم ٩ ربيع الأول ، الموافق ٢٠ أبريل عام ٥٧١ م ، ويتفق معه في ذلك «سلفستر دي ساسي» ، والحق أن الإمام السهيلي (١١١٤ ـ ١١٨٥ م) قد سبق كلا من الفلكي وسلفستر في تاريخهما للمولد النبوي الشريف بيوم ٢٠ أبريل (نيسان) ، على أن المترجمين لحياة سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما يجمعون على أنه ولد يوم الاثنين من الأسبوع الثاني من شهر ربيع الأول من عام الفيل ، ويذهب جمهور كبير من العلماء على أن هذا التاريخ يوافق العام الثالث والخمسين قبل الهجرة ، أي عام ٥٧١ م ، وأما الانتقال إلى الرفيق الأعلى فقد كان يوم ١٢ أو ١٣ ربيع الأول عام ١١ ه ، الموافق ٧ أو ٨ يونيه عام ٦٣٢ م ، بعد أن بلغ صلىاللهعليهوسلم ٦٣ عاما قمريا بالكامل ، أي أكثر من واحد وستين عاما شمسيا ، بحوالي شهر وأكثر من نصف الشهر ، روى البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عباس أنه قال : مكث النبي صلىاللهعليهوسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحي إليه ، وبالمدينة عشرا ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة (٣)».
__________________
(١) تتراوح تقديرات العلماء فيما بين أعوام ٥٥٢ م ، ٥٦٣ م. ٥٧٠ م ، ٥٧١ م.
(٢) أنظر : محمد بيومي مهران : دراسات في تاريخ العرب القديم ص ٥٩٤ ـ ٥٩٧.
(٣) محمود الفلكي : التقويم العربي قبل الإسلام ص ٣٨ ، محمد عبد الله دراز : مدخل إلى ـ