الفصل الثّالث
فرعون موسى
اختلفت الآراء ، كما أشرنا من قبل ، في هذا الفرعون الذي كان يعذب بني إسرائيل ، فيذبح أبناءهم ويستحي نساءهم ، ثم يرفض بعد ذلك دعوة موسى عليهالسلام ، وكان الفرعون الذي أغرقه الله في البحر ، انتقاما منه لتجبره وكفره ، وما آل إليه أمره من الطغيان والكفر ، وادعاء الألوهية ، فقال : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (١) ، وقوله لموسى : (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) (٢) ، وقوله : «أنا ربكم الأعلى» ، ومن ثم فقد جاء بعد هذه الآية (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) (٣) ، هذا فضلا عن تجاوزه لحدوده البشرية ، واندفاعه في التعذيب ، وإسرافه في القتل للمذنب وغير المذنب على سواء.
وسنحاول هنا ، قدر الطاقة ، مناقشة الآراء المختلفة التي دارت حول تحديد اسم هذا الفرعون ، لعلنا نستطيع ، بمشيئة الله ، أن نصل إلى رأي قريب من الصواب ، أو لا يبعد عن الصواب كثيرا ، مؤمنين تمام الإيمان ، أن اليقين ما زال ، وسيظل أبد الدهر ، عند صاحب اليقين ، وما زال ، وسيظل ، العلم عند رب العلم ، يؤتيه من عباده من يشاء ، وهو علام الغيوب ، وما نقوم
__________________
(١) سورة القصص : آية ٣٨.
(٢) سورة الشعراء : آية ٢٩.
(٣) سورة النازعات : آية ٢٢ ـ ٢٦.